المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ١٤
فإنما يسمى ذلك الوقت قرء باعتبار الدم المجتمع ثم إن عند اختلاف أهل اللغة يجب المصير إلى لغة رسول الله صلى الله عليه وسلم فان الصحابة رضوان الله عليهم لما اختلفوا في التابوت والتابوه رجحوا لغة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا اكتبوا بالتاء والقرء في لغة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحيض قال صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس إذا أتاك قرؤك فدعى الصلاة وقال صلى الله عليه وسلم المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها والقرء والأقراء كلاهما جمع كما يقال فلس وفلوس ونزل وانزال ثم الشافعي رحمه الله تعالى رجح الأطهار باعتبار حرف الهاء المذكور في قوله ثلاثة قروء فقال جمع المذكر يؤنث والطهر هو المذكر ولكنا نقول الاعراب يتبع اللفظ دون المعنى يقال ثلاثة أفراس وثلاث دواب وقال أيضا القرء عبارة عن الانتقال يقال قرأ النجم إذا انتقل وكما طعنت في الحيضة الثالثة فقد وجد ثلاث انتقالات من الطهر ولكن هذا لا معني له فالانتقال من الحيض إلى الطهر أيضا قرء فكان ينبغي على هذا أن تنقضي العدة إذا طعنت في الحيضة الثالثة واحد لم يقل بهذا ولكن الصحيح ما قاله علماؤنا رحمهم الله تعالى أن الله تعالى لما ذكر جمعا مقرونا بالعدد اقتضى الكوامل منه والطلاق هو المباح في حالة الطهر فلو جعلنا القرء الأطهار لكان انقضاء العدة بقرأين وبعض الثالث وهذا يستقيم في جمع غير مقرون بالعدد كقوله تعالى الحج أشهر معلومات فأما في جمع مقرون بالعدد فلا بد من الكوامل وإنما يحصل ذلك إذا حمل القرء على الحيض فيكون انقضاء العدة بثلاث حيض كوامل واستدل الشافعي رحمه الله تعالى بقوله تعالى فطلقوهن لعدتهن معناه في عدتهن والطلاق المباح في حالة الطهر فعرفنا أن العدة بالطهر وقد فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله لابن عمر رضى الله تعالى عنه إنما السنة أن تستقبل الطهر استقبالا فتطلقها لكل قرء تطليقة فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء واستدل علماؤنا بقوله تعالى ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه من الحيض والحبل فهو بيان المراد بالقروء قال الله تعالى واللائي يئسن من الحيض من نسائكم الآية وإنما نقل إلى الأشهر عند عدم الحيض والنقل إلى البدل يكون عند عدم الأصل فهو تنصيص على أن المراد بالقرء الحيض وقوله تعالى فطلقوهن لعدتهن أي قبل عدتهن كما يقال زينت الدار لقدوم الحاج وتوضأت للصلاة أي قبلها وفي قراءة ابن مسعود رضى الله تعالى عنه لقبل عدتهن مع أن المراد عدة الايقاع ونحن نقول إن عدة الايقاع
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست