المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ٦٣
بإزاء احتباسها عنده بمنزلة النفقة ومثل هذا يحتمل التعجيل والتأجيل ولكن النكاح كما لا ينعقد الا موجبا لهذا الملك عليها لا ينعقد الا بشرط التعويض فتارة يتعجل العوض بالتسمية وتارة يتأخر إلى التأكد بالدخول أو الفرض بالتراضي أو بالقضاء ألا ترى أن ملك اليمين تارة يثبت بعوض واجب بنفس العقد وتارة بشرط التعويض وإن لم يكن واجبا بنفس السبب والدليل عليه أن مهر المثل لا يتنصف بالطلاق قبل الدخول وما كان واجبا بنفس العقد يتنصف كالمسمى وحجتنا في ذلك ما روى أن سائلا سأل ابن مسعود رضى الله تعالى عنه عن هذا فجعل يردده شهرا ثم قال أقول فيه بنفسي فان يك صوابا فمن الله ورسوله وان يك خطأ فمن ابن أم عبد. وفي رواية فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان أرى لها مهر مثل نسائها لا وكس ولا شطط فقام رجل يقال له معقل بن سنان أو معقل بن يسار وأبو الجراح صاحب الأشجعين رضوان الله عليهم فقال نشهد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في امرأة منا يقال لها بروع بنت واشق الأشجعية بمثل قضيتك هذه فسر ابن مسعود رضى الله تعالى عنه بذلك سرورا لم يسر قط مثله بعد اسلامه لما وافق قضاؤه قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي روى أن عليا رضي الله تعالى عنه رد هذا الحديث وقال ماذا نصنع بقول اعرابي بوال على عقبيه إنما رده لمذهب تفرد به وهو أنه كان يحلف الراوي ولم يرد هذا الرجل حتى يحلفه ولسنا نأخذ بذلك والمعنى فيه أن النكاح عقد معاوضة بالمهر فإذا انعقد صحيحا كان موجبا للعوض كالبيع وكما لو زوج الأب ابنته بغير مهر وبيان الوصف قوله تعالى أن تبتغوا بأموالكم يعنى تبتغوا ملك النكاح على النساء بالمال وحرف الباء يصحب الأعواض فدل أن العوض الأصلي هو المهر والدليل عليه أنه يثبت لها حق المطالبة بالفرض والفرض عبارة عن التقدير والمطالبة بالتقدير تنبنى على وجوب الأصل ففي كل موضع لم يجب الأصل بالعقد لا تثبت المطالبة بالتقدير كما في ملك اليمين بطريق الهبة فعرفنا أن أصل الوجوب بالعقد شرعا واليه أشار الله تعالى في قوله قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم أضاف إلى نفسه وبين خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بالنكاح بغير مهر فذلك دليل على أنه في غيره لا ينعقد الا موجبا للمهر واليه أشار أبو سعيد الخدري رضى الله تعالى عنه بقوله لا نكاح الا بمهر وشهود الا ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم والدليل عليه انها تحبس نفسها لاستيفاء المهر ولا تحبس المبدل الا ببدل واجب
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست