والبنت حرمت بالدخول بالأم وان كانت الأولى اما فنكاح البنت صحيح لان الدخول بالبنت يحرم الأم والعقد على الأم لا يحرم البنت فاما على قول محمد رحمه الله تعالى سواء تزوجهما في عقدة أو في عقدتين فنكاح البنت صحيح لأن العقد على الأم لا يوجب حرمة البنت والعقد على البنت يوجب حرمة الأم إلا أن يكون دخل بالأم فحينئذ يفرق بينه وبينهما وهذا إذا كان دخوله بالأم بعدما تزوج بالبنت فإن كان قبل أن يتزوج البنت فنكاح الأم صحيح لان الدخول بها يحرم البنت فإذا لم يصح نكاح البنت لا تحرم الأم بذلك إلا أن يكون دخل بالبنت أيضا فحينئذ تقع الفرقة بينه وبينهما بالمصاهرة وليس له أن يتزوج واحدة منهما (قال) وان أسلم الحربي وامرأته وقد كان نكاحهما بعد أن طلقها ثلاثا قبل أن تنكح زوجا آخر فرق بينهما لان التطليقات الثلاث تقع في دار الحرب كما في دار الاسلام فإنهم يعتقدون ذلك وهي سبب حرمة المحل إلى وقت إصابة الزوج الثاني بمنزلة الحرمة بالقرابة والرضاع فكما أن ذلك يوجب التفريق بعد الاسلام فكذلك هنا وكذلك لو جامع أمها أو ابنتها أو قبل واحدة منهما بشهوة لان الحرمة بسبب المصاهرة نظير الحرمة بسبب الرضاع وذلك يتحقق في دار الحرب كما يتحقق في دار الاسلام فهذا مثله (قال) وإذا أسلم أحد الزوجين في دار الحرب ولم يكونا من أهل الكتاب أو كانا والمرأة هي التي أسلمت فإنه يتوقف انقطاع النكاح بينهما على انقضاء ثلاث حيض عندنا سواء دخل بها أو لم يدخل بها وقال الشافعي رحمه الله تعالى إن كان قبل الدخول تقع الفرقة باسلام أحدهما وإن كان بعد الدخول يتوقف على انقضاء العدة وعنده لا يختلف هذا الحكم بدار الحرب ودار الاسلام ولكنه ينبني على تأكد النكاح بالدخول وعدم تأكده كما ذكرنا فاما عندنا نفس اسلام أحدهما غير موجب للفرقة ولا كفر من أصر منهما على الكفر ولا اختلاف الدين نفسه كما بينا في دار الاسلام الا ان في دار الاسلام يمكن تقرير سبب الفرقة بعرض الاسلام على الآخر منهما حتى إذا أبى يصير مفوتا الامساك بالمعروف وفي دار الحرب لا يتأتى ذلك لان يد امام المسلمين لا تصل إلى المصر منهما ليعرض عليه الاسلام ويحكم بالفرقة عند إبائه فيقام ثلاث حيضات مقام ثلاث عرضات في تقرر سبب الفرقة لأنه صار غير مريد لها حين لم يساعدها على الاسلام وبعد ما صار غير مريد لها تقع الفرقة بانقضاء ثلاث حيض كما لو طلقها إلا أن هناك إذا كان الطلاق قبل الدخول يمكن اثبات الفرقة بنفسه لمباشرة الزوج سبب الفرقة
(٥٦)