المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ١٥٠
بخلاف حق الرجعة فان ذلك من حق الزوج وهو متمكن من حقيقة الاستيفاء فإذا لم يفعل فهو الذي أبطل حق نفسه وليس من ضرورة وجوب العدة ثبوت الرجعة ألا ترى ان بالموت يتقرر المهر والعدة وليس فيه تصور الرجعة ومطالبتها بالوطئ ليستعف به ويحصل لنفسها صفة الاحصان بسببه وذلك لا يحصل بالخلوة إذا ثبت هذا فنقول حد الخلوة الصحيحة أن لا يكون هناك مانع يمنعه من وطئها طبعا ولا شرعا حتى إذا كان أحدهما مريضا مرضا يمنع الجماع أو صائما في رمضان أو محرما أو كانت هي حائضا لا تصح الخلوة لقيام المانع طبعا أو شرعا وفي صوم القضاء روايتان في أصح الروايتين تصح الخلوة لان الذي يجب بالفطر قضاء يوم وهو يسير كما في صوم النفل وفي الرواية الأخرى لا تصح الخلوة اعتبارا للقضاء بالأداء وفى صوم النفل رواية شاذة أيضا انه يمنع صحة الخلوة بمنزلة حج النفل وكذلك ان كانت رتقاء أو قرناء لا يحصل التسليم لقيام المانع حسا بخلاف ما إذا كان الزوج مجبوبا أو عنينا وقد بيناه ولو كان بينهما ثالث لا تصح الخلوة لقيام المانع إلا أن يكون الثالث ممن لا يشعر بذلك كصغير لا يعقل أو مغمى عليه أو نحو ذلك وان خلا بزوجته وهناك أمته وكان محمد رحمه الله تعالى يقول أولا تصح الخلوة بخلاف ما إذا كان هناك أمتها لأنه يحل له وطئ أمته دون أمتها ثم رجع وقال لا تصح الخلوة وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى لأنه يمتنع من غشيانها بين يدي أمته طبعا وعلى هذا لو خلا بزوجتيه لم تصح الخلوة لما قلنا والمكان الذي لا تصح الخلوة فيه أن يأمنا فيه اطلاع غيرهما عليهما بغير إذن كالدار والبيت وما أشبه ذلك ولهذا لا تصح الخلوة في المسجد والطريق الأعظم والسطح الذي ليس على جوانبه سترة وبعد صحة الخلوة إذا تصادقا على أنه لم يدخل بها لا يكونا محصنين لان الخلوة إنما تجعل كالاستيفاء فيما هو من حكم العقد والاحصان ليس من ذلك في شئ فان أقرا بالجماع لزمهما حكم الاحصان وان أقر به أحدهما صدق على نفسه دون صاحبه ولا يحصن الخصي إذا كأن لا يجامع وكذلك المجبوب والعنين فان جاءت بولد حتى ثبت به النسب من الزوج ففي الخصي والعنين يكونا محصنين لان الحكم بثبوت النسب حكم بالدخول وفى المجبوب ذكر في اختلاف زفر ويعقوب رحمهما الله تعالى ان على قول زفر رحمه الله تعالى هي تصير محصنة لما حكمنا بثبوت النسب من الزوج وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى لا تصير هي محصنة لأنه لا تصور للجماع بدون الآلة والحكم بثبوت النسب بطريق الانزال بالسحق وليس
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست