المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ٢٢٣
الأب في مؤنة الرضاع أحد فكذلك في النفقة وهذا إذا كان الأب موسرا فإن كان معسرا والأم موسرة أمرت بأن تنفق من مالها على الولد ويكون ذلك دينا على الأب إذا أيسر وكذلك الأب إذا كان معسرا وله أخ موسر فان الأخ وهو عم الولد يعطى نفقة الولد ويكون ذلك دينا على الأب له إذا أيسر لان استحقاق النفقة على الأب ولكن الانفاق لا يحتمل التأخير فيقام مال الغير مقام ماله في أداء مقدار الحاجة منه على أن يكون ذلك دينا عليه إذا أيسر والذي قلنا في الصغار من الأولاد كذلك في الكبار إذا كن إناثا لأن النساء عاجزات عن الكسب واستحقاق النفقة لعجز المنفق عليه عن كسبه وان كانوا ذكورا بالغين لم يجبر الأب على الانفاق عليهم لقدرتهم على الكسب الا من كان منهم زمنا أو أعمى أو مقعدا أو أشل اليدين لا ينتفع بهما أو مفلوجا أو معتوها فحينئذ تجب النفقة على الوالد لعجز المنفق عليه عن الكسب وهذا إذا لم يكن للولد مال فإذ كان للولد مال فنفقته في ماله لأنه موسر غير محتاج واستحقاق النفقة على الغنى للمعسر باعتبار الحاجة إذ ليس أحد الموسرين بايجاب نفقته على صاحبه بأولى من الآخر بخلاف نفقة الزوجة فان استحقاق ذلك باعتبار العقد لتفريغها نفسها له فتستحق موسرة كانت أو معسرة فاما الاستحقاق هنا باعتبار الحاجة فلا تثبت عند عدم الحاجة (قال) فإن كان مال الولد غائبا أمر الأب بان ينفق عليه من ماله على أن يرجع في مال الولد إذا حضر ماله لكنه ان أشهد فله ان يرجع في الحكم وان أنفق بغير اشهاد لكن على نية الرجوع فله ان يرجع فيما بينه وبين الله تعالى وفي الحكم ليس له ذلك لأن الظاهر أنه يقصد التبرع بمثل هذا والقاضي يتبع الظاهر فاما فيما بينه وبين الله تعالى فله ان يرجع لان الله تعالى عالم بما في ضميره (قال) وكذلك يجبر على نفقة كل ذي رحم محرم منه الصغار والنساء وأهل الزمانة من الرجال إذا كانوا ذوي حاجة عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا تجب النفقة على غير الوالدين والمولودين وقال ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى تجب النفقة على كل وارث محرما كان أو غير محرم واستدل بظاهر قوله تعالى وعلى الوارث مثل ذلك ولكنا نقول قد بينا ان في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه وعلى الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك والشافعي رحمه الله تعالى يبنى على أصله فان عنده استحقاق الصلة باعتبار الولاد دون القرابة حتى لا يعتق أحد على أحد الا الوالدين والمولودين عنده وجعل قرابة الاخوة في ذلك كقرابة بني الأعمام فكذلك في حق استحقاق
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»
الفهرست