وبيانه أن الشرع عين هذا الزمان للأكل بقوله عليه السلام فإنها أيام أكل وشرب وتعينه لاحد الضدين ينفى الضد الآخر فيه والدليل على. أنه لا يصلح لأداء شئ من الواجبات ان الصوم اسم لما هو قربة والمنهي عنه يكون معصية فلا يكون صوما (ولنا) ان الصوم مشروع في هذه الأيام فان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم هذه الأيام وموجب النهى الانتهاء والانتهاء عما ليس بمشروع لا يتحقق ولان موجب النهي الانتهاء على وجه يكون للعبد فيه اختيار بين أن ينتهى فيثاب عليه وبين أن يقدم على الارتكاب فيعاقب عليه وذلك لا يتحقق إذا لم يبق الصوم مشروعا فيه وموجب النهى غير موجب النسخ فإذا كان موجب النسخ رفع المشروع عرفنا أنه ليس موجب النهي رفع المشروع والمعنى الذي لأجله كان الصوم مشروعا في سائر الأيام كون الامساك فيها بخلاف العادة وهذا المعنى في هذه الأيام أظهر والشرع أمر بالفطر فيه لا انه جعله مفطرا فيه بخلاف الليل فقد جعله مفطرا بدخول الليل بقوله فقد أفطر الصائم أكل أولم يأكل والنهى يجعل الأداء من العبد فاسدا ولهذا لا يصلح لأداء شئ من الواجبات به ولكن صفة الفساد لا تمنع بقاء أصله شرعا كمن أفسد احرامه نفى عقد الاحرام وعليه أداء الأفعال شرعا وإذا ثبت أن الصوم مشروع في هذا اليوم فقد حصل نذره مضافا إلى محله فيصح وليس في النذر ارتكاب المنهى إنما ذلك في أداء الصوم ولهذا أمرناه بأن يصوم يوما آخر كيلا يكون مرتكبا للنهي ولو صام في هذه الأيام خرج عن موجب نذره لأنه ما التزم الا هذا القدر وقد أدى كمن قال لله علي أن أعتق هذه الرقبة وهي عمياء خرج عن موجب نذره باعتاقها لأنه ما التزم الا هذا القدر وقد أدى باعتاقها وان كأن لا يتأدى شئ من الواجبات بها وكمن نذر أن يصلى عند طلوع الشمس فعليه أن يصلى في وقت آخر فإذا صلى في ذلك الوقت خرج عن موجب نذره وجه رواية الحسن أنه إذا نص على يوم النحر فقد صرح في نذره بما هو منهى عنه فلم يصح وإذا قال غدا لم يصرح في نذره بما هو منهى عنه فصح نذره وهو كالمرأة إذا قالت لله على أن أصوم يوم حيضي لم يصح نذرها ولو قالت غدا وغدا يوم حيضها صح نذرها إذا عرفنا هذا فنقول إذا نذر صوم سنة بعينها فعليه قضاء خمسة أيام إذا أفطر فيها يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق وان التزم سنة بغير عينها فعليه قضاء خمسة وثلاثين يوما لان صوم رمضان لا يكون عن المنذور ولو قال سنة متتابعة فعليه ان يصل هذا القضاء بالأداء وكان محمد بن سلمة رحمه الله تعالى يقول في هذا الفصل لا يفطر
(٩٦)