المبسوط - السرخسي - ج ٣ - الصفحة ٥٤
أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب (بسم الله الرحمن الرحيم) (كتاب الصوم) (قال) الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الأئمة أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله تعالى الصوم في اللغة هو الامساك ومنه قول النابغة خيل صيام وخيل غير صائمة * تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما أي واقفة ومنه صام النهار إذا وقفت الشمس ساعة الزوال وفى الشريعة عبارة عن إمساك مخصوص وهو الكف عن قضاء الشهوتين شهوة البطن شهوة الفرج من شخص مخصوص وهو أن يكون مسلما طاهرا من الحيض والنفاس في وقت مخصوص وهو ما بعد طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس بصفة مخصوصة وهو أن يكون على قصد التقرب فالاسم شرعي فيه معنى اللغة وأصل فرضية الصوم ثبت بقوله تعالى كتب عليكم الصيام إلى قوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه ففيه بيان السبب الذي جعله الشرع موجبا وهو شهود الشهر وأمر بالأداء نصا بقوله فليصمه وقال صلى الله عليه وسلم بني الاسلام على خمس وذكر من جملتها الصوم وقد كان وقت الصوم في الابتداء من حين يصلى العشاء أو ينام وهكذا كان في شريعة من قبلنا ثم خفف الله تعالى الامر على هذه الأمة وجعل أول الوقت من حين يطلع الفجر بقوله تعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الآية قال أبو عبيد الخيط الأبيض الصبح الصادق والخيط اللون وفى حديث عدى ابن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الخيط الأبيض والأسود بياض النهار وسواد الليل وسبب هذا التخفيف ما ابتلى به عمر بن الخطاب رضي الله عنه وما ابتلى صرمة بن أنس حين رآه النبي صلى الله عليه وسلم مجهودا فقال مالك أصبحت طلحا أو قال طليحا الحديث ومعنى التخفيف ان المعتاد في الناس أكلتان الغداء والعشاء فكان التقرب بالصوم في الابتداء بترك الغداء والاكتفاء بأكلة واحدة وهي العشاء ثم إن الله تعالى أبقى لهذه الأمة الأكلتين جميعا وجعل معنى التقرب في تقديم الغداء عن وقته كما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في السحور انه الغذاء المبارك والتقرب بالصوم من حيث مجاهدة النفس والمجاهدة في هذا من وجهين أحدهما بمنع النفس من
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست