المبسوط - السرخسي - ج ٣ - الصفحة ٩١
فأما رمضان فلا خلاف بينهم والفرق لأبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى أن هناك السبب الموجب هو النذر إلا أنه ليس للمريض ذمة صحيحة في التزام أداء الصوم حتى يبرأ فعند البرء يصير كالمجدد للنذر والصحيح إذا قال لله على أن أصوم شهرا ثم مات بعد يوم فعليه قضاء جميع الشهر وهنا السبب الموجب للأداء ادراك عدة من أيام أخر فلا يلزمه القضاء الا بقدر ما أدرك والمسافر في جميع هذه الوجوه بمنزلة المريض (قال) مسافر أصبح صائما ثم قدم المصر فأفتى بأن صيامه لا يجزئه وانه عاص فأفطر فعليه القضاء ولا كفارة عليه والكلام في هذه المسألة في فصول. أحدها ان أداء الصوم في السفر يجوز في قول جمهور الفقهاء وهو قول أكثر الصحابة وعلى قول أصحاب الظواهر لا يجوز وهو مروى عن ابن عمر وأبي هريرة رضى الله تعالى عنهما يستدلون بقوله تعالى فعدة من أيام أخر فصار هذا الوقت في حقه كالشهر في حق المقيم فلا يجوز الأداء قبله وقال صلى الله عليه وسلم الصائم في السفر كالمفطر في الحضر وقال ليس من البر الصيام في السفر وفى رواية ليس من امبرم صيام في امسفر (ولنا) قوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه وهذا يعم المسافر والمقيم ثم قوله ومن كان مريضا أو على سفر لبيان الترخص بالفطر فينتفي به وجوب الأداء لا جوازه وفى حديث عائشة رضي الله عنها ان حمزة بن عمرو الأسلمي قال يا رسول الله انى أسافر في رمضان أفأصوم فقال صلى الله عليه وسلم صم إن شئت وفى حديث أنس رضي الله عنه قال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فمنا الصائم ومنا المفطر لا يعيب البعض على البعض وتأويل حديثهم إذا كان يجهده الصوم حتى يخاف عليه الهلاك على ما روى أنه مر برجل مغشى عليه قد اجتمع عليه الناس وقد ظلل عليه فسأل عن حاله فقيل إنه صائم فقال صلى الله عليه وسلم ليس من البر الصيام في السفر يعنى لمن هذا حاله والثاني ان المسافرة في رمضان لا بأس بها وعلى قول أصحاب الظواهر يستديم السفر في رمضان ولا ينشئه والدليل على جواز المسافرة حديث أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة إلى مكة لليلتين خلتا من رمضان فصام حتى أتى قديدا فشكى الناس إليه فأفطر ثم لم يزل مفطرا حتى دخل مكة فان سافرت في رمضان فقد سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم وان صمت فقد صام وان أفطرت فقد أفطر وكل ذلك واسع والثالث إذا أنشأ السفر في رمضان فله أن يترخص بالفطر وكان على وابن عباس كانا يقولان ذلك لمن أهل الهلال
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست