لفظه فان الحالف يعاهد الله تعالى كالناذر ثم شرط حنثه أن لا يصوم جميع الشهر فسواء أفطر فيه يوما أو أكثر فقد وجد شرط الحنث والحاصل أنه إذا لم ينو شيئا كان كلامه نذرا باعتبار الظاهر والعادة وان نوى اليمين كان يمينا بنيته نذرا بظاهره وان نواهما جميعا كان نذرا ويمينا في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وروى أصحاب الاملاء عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنهما لا يجتمعان في كلمة واحدة ولكنه ان نوى اليمين فهو يمين تلزمه الكفارة بالحنث دون القضاء وان نواهما كان نذرا ولم يكن يمينا وجه قوله ان حكم النذر يخالف حكم اليمين فلا يجتمعان في كلام واحد كقوله لامرأته أنت على حرام ان نوى به الطلاق كان طلاقا وان نوى به اليمين كان يمينا ولا يجتمعان وان نواهما وليس هذا نظير قول أبى يوسف رحمه الله تعالى في اجتماع معنى الحقيقة والمجاز في كلام واحد في بعض مسائل الايمان لان حكم المجاز هناك غير مخالف لحكم الحقيقة فكان بمنزلة لفظ العموم وجه قولهما أن في لفظه كلمتين إحداهما يمين وهو قوله لله فان معناه بالله قال ابن عباس رضي الله عنه دخل آدم الجنة فلله ما غربت الشمس حتى خرج وهذا لان اللام والباء يتعاقبان قال الله تعالى أآمنتم له وفى موضع آخر به وقوله على نذر إلا أن عند الاطلاق غلب عليه معنى النذر باعتبار العادة فحمل عليه فإذا نواهما فقد نوى بكل لفظ ما هو من محتملاته فيعمل بنيته وليس هذا نظير ما يقال إن على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا تجتمع الحقيقة والمجاز في لفظ واحد لان الحقيقة استعمال اللفظ في موضعه والمجاز استعماله في غير موضعه وإنما ذلك في كلمة واحدة لا في كلمتين (قال) وان نذر صوم سنة بعينها أفطر يوم النحر ويوم الفطر وأيام التشريق لأن الصوم في هذا الأيام منهى عنه شرعا والى العبد ولاية الايجاب بنذره لا رفع المنهى ثم عليه قضاء هذه الأيام عندنا. وقال زفر رحمه الله تعالى ليس عليه القضاء وهو قول الشافعي رحمه الله تعالى واصل المسألة إذا قال لله على أن أصوم غدا وغدا يوم النحر أو قال لله على أن أصوم يوم النحر صح نذره في الوجهين ويؤمر بأن يصوم يوما آخر فان صام في ذلك اليوم خرج من موجب نذره وعند زفر والشافعي رحمهما الله تعالى لا يصح نذره وهو رواية ابن المبارك عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه إذا قال لله على صوم يوم النحر لم يصح نذره وان قال غدا وغدا يوم النحر صح نذره وجه قولهما ان الصوم غير مشروع في هذه الأيام وليس إلى العبد شرع ما ليس بمشروع كالصوم ليلا
(٩٥)