صائمة لكن كرهت ان أرد سؤرك فقال صلى الله عليه وسلم إن كان صومك عن قضاء فاقضي يوما وإن كان صومك تطوعا فإن شئت فاقضيه وإن شئت فلا تقضيه ولان المتنفل متبرع بما ليس عليه فلا يلزمه ما لم يتبرع به ولكنه مخير في آخره كما كان مخيرا في أوله كمن شرع في صلاة التطوع ينوى أربعا فصلى ركعتين كان مخيرا في الشفع الثاني وهذا بخلاف الحج فان بتبرعه هناك لا يلزمه شئ إنما تعذر الخروج عما شرع فيه فيلزمه الاتمام حتى لو تيسر عليه الخروج بالاحصار لم يلزمه القضاء عندي وبخلاف الناذر فإنه ملتزم ما ليس عليه فكان نظير النذر من المعاملات الكفالة ونظير الشروع في الهبة والاقرار (ولنا) حديث عائشة قالت أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين فأهدى لنا حيس فأكلنا فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وابتدرنا لنسأله فبدرتني حفصة وكانت بنت أبيها سباقة إلى الخيرات فقال صلى الله عليه وسلم اقضيا يوما مكانه فإن كان هذا بعد حديث أم هانئ كان ناسخا له وإن كان قبله فتبين به ان المراد بقوله إن شئت فاقضيه وإن شئت فلا تقضيه تأخير القضاء وتعجيله أو تبين به ان النبي صلى الله عليه وسلم خص أم هانئ باسقاط القضاء عنها بقصدها التبرك بسؤر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنها غفلت عن الصوم لفرط قصدها إلى التبرك كما أن أبا طيبة لما حجم النبي صلى الله عليه وسلم شرب دمه فقال صلى الله عليه وسلم حرم الله جسدك على النار وشرب الدم لا يوجب هذا ولكنه لفرط المحبة غفل عن الحرمة فأكرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكر ولأنه باشر فعل قربة مقصودة فيجب عليه اتمامها ويلزمه القضاء بالافساد كمن أحرم بحج التطوع ولا نقول إن تبرعه بما ليس عليه يلزمه ما لم يتبرع به ولكن وجب عليه حفظ المؤدى لكونه قربة فان التحرز عن ابطال العمل واجب قال الله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم كما أن الوفاء بالعهد واجب فكما يلزمه الأداء بعد النذر لان الوفاء به فكذلك يلزمه أداء ما بقي لان التحرز عن ابطال العمل فيه بخلاف الصلاة فإنه ليس في الامتناع من الشفع الثاني ابطال الشفع الأول ولأنه بالشروع تعين هذا اليوم لأداء الصوم المشروع فيه وله ولاية التعيين فيتعين بتعيينه والتحق بالزمان المتعين للصوم شرعا والافساد في ذلك الزمان يوجب القضاء فهذا مثله وهو كالناذر لما كان له ولاية الايجاب التحق ذلك بالواجب شرعا حتى إذا انعدم الأداء منه لزمه القضاء فهذا مثله وهذه المسألة تبنى على أصل وهو ان بعد الشروع لا يباح له الافطار بغير عذر عندنا
(٦٩)