(قال) رجل عليه قضاء أيام من شهر رمضان فلم يقضها حتى دخل رمضان من قابل فصامها منه فان صيامه عن هذا الرمضان الداخل وقد بينا هذا الفصل في المقيم والمسافر جميعا وعليه قضاء رمضان الماضي ولا فدية عليه عندنا وعند الشافعي رحمه الله تعالى يلزمه مع القضاء لكل يوم إطعام مسكين ومذهبه مروى عن ابن عمر ومذهبنا مروى عن علي وابن مسعود رحمهما الله تعالى وحاصل الكلام ان عنده القضاء مؤقت بما بين الرمضانين يستدل فيه بما روى عن عائشة رضي الله عنها انها كانت تؤخر قضاء أيام الحيض إلى شعبان وهذا منها بيان آخر ما يجوز التأخير إليه ثم جعل تأخير القضاء عن وقته كتأخير الأداء عن وقته فكما أن تأخير الأداء عن وقته لا ينفك عن موجب فكذلك تأخير القضاء عن وقته ولنا ظاهر قوله تعالى فعدة من أيام أخر وليس فيها توقيت والتوقيت بما بين الرمضانين يكون زيادة ثم هذه عبادة مؤقتة قضاؤها لا يتوقت بما قبل مجئ وقت مثلها كسائر العبادات وإنما كانت عائشة رضى الله تعالى عنها تختار للقضاء شعبان لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن لا يحتاج إليها فيه فإنه كان يصوم شعبان كله ولان كان القضاء مؤقتا بما بين الرمضانين فالتأخر عن وقت القضاء كالتأخر عن وقت الأداء وتأخير الأداء عن وقته لا يوجب عليه شيئا إنما وجوب الصوم باعتبار السبب لا بتأخير الأداء فكذلك تأخير القضاء عن وقته ثم الفدية تقوم مقام الصوم عند اليأس منه كما في الشيخ الفاني وبالتأخير لم يقع اليأس عن الصوم والقضاء واجب عليه فلا معنى لايجاب الفدية وكما لم يتضاعف القضاء بالتأخير فكذلك لا ينضم القضاء إلى الفدية لأنه في معنى التضعيف (قال) وان شك في الفجر فأحب إلى أن يدع الأكل وان أكل وهو شاك فصومه تام أما التسحر فهو مندوب إليه لقوله صلى الله عليه وسلم استعينوا بقائلة النهار على قيام الليل وبأكلة السحور على صيام النهار وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فرق ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكل السحور والتأخير مندوب إليه قال صلى الله عليه وسلم ثلاث من أخلاق المرسلين تعجيل الافطار وتأخير السحور والسواك إلا أنه يؤخر على وجه لا يشك في الفجر الثاني فان شك فيه فالمستحب أن يدع الأكل لقوله صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك إلى ما لا يريبك والا كل يريبه فان أكل وهو شاك فصومه تام لان الأصل بقاء الليل والتيقن لا يزال بالشك فإن كان أكبر رأيه أنه تسحر والفجر طالع فالمستحب له أن يقضى احتياطا للعبادة ولا يلزمه القضاء في ظاهر الرواية لأنه
(٧٧)