الخليل صلوات الله عليه وفى عهد الحجاج حين أعاده إلى ما كان عليه في الجاهلية وكان يجوز الصلاة للناس وإن لم يكن هناك بناء إلا أنه يكره ترك اتخاذ السترة لما فيه من استقبال الصورة وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك في الصلاة وان ابن عباس رضى الله تعالى عنه في عهد ابن الزبير رحمه الله تعالى أمر بتعليق الأنطاع في تلك البقعة وإنما أمر بذلك ليكون بمنزلة السترة لهم (قال) فان صلوا في جوف الكعبة فالمذهب عندنا أنه يجوز أداء الصلاة في جوف الكعبة النافلة والمكتوبة فيه سواء وقال مالك رضي الله عنه لا يجوز أداء المكتوبة في جوف الكعبة لأنه إن كان مستقبلا جهة فهو مستدبر جهة أخرى والصلاة مع استدبار القبلة لا تجوز فيؤخذ بالاحتياط في المكتوبة وفى التطوع الامر أوسع وقاس الصلاة بالطواف فان من طاف في جوف الكعبة لا يجزئه طوافه (ولنا) أن الواجب عليه استقبال جزء من الكعبة وقد استقبلها بيقين والفرض والنفل في وجوب استقبال القبلة سواء فإذا جاز أداء النفل في الكعبة بهذا الطريق فكذلك الفرض وليس الصلاة كالطواف فان الطواف بالبيت لا فيه ألا ترى أن الطواف خارج المسجد لا يجوز بخلاف الصلاة وقد أختلف الرواة أن النبي صلى الله عليه وسلم هل صلى في الكعبة حين دخلها فروى أسامة بن زيد رضى الله تعالى عنه أنه لم يصل فيها وروى ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أنه صلى فيها ركعتين بين الساريتين المقدمتين ومنه إلى الحائط قدر ثلاثة أذرع فإن كان الامام في جوف الكعبة والناس قد تحلقوا حولها كما ذكرنا أجزأهم وان كانوا معه في جوف الكعبة فصلاة الامام ومن وجهه إلى ظهر الامام أو إلى يمين الامام أو إلى يساره تجوز. وكذلك من كان وجهه إلى وجه الامام إلا أنه يكره استقبال الصورة وإنما لا تجوز صلاة من ظهره إلى وجه الامام وصلاة من كان مستقبلا الجهة التي استقبلها الامام وهو أقرب إلى الحائط من الامام لأنه متقدم عليه وهذا بخلاف ما إذا تحروا في ظلمة الليل واقتدوا بالامام فإنه لا تجوز صلاة من علم أنه مخالف للامام في الجهة هناك لان عنده ان امامه غير مستقبل القبلة فلا يصح اقتداؤه به وهاهنا كل جانب قبلة بيقين فهو لا يعتقد الخطأ في صلاة امامه فجاز اقتداؤه به ومن صلى على سطح الكعبة جازت صلاته عندنا وإن لم يكن بين يديه سترة وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه لا يجوز إلا أن يكون بين يديه سترة بناء على أصله ان البناء معتبر في جواز التوجه إليه للصلاة وعندنا القبلة هي الكعبة فسواء كان بين يديه سترة أو لم يكن فهو مستقبل القبلة
(٧٩)