والاستنشاق أو كلاما هذا معناه انتهى. وقال في آخر سماع موسى من كتاب الطهارة: سئل ابن القاسم في الذي يتوضأ في صحن المسجد ضوءا طاهرا فقال: لا بأس بذلك وتركه أحب إلي. وسأل عنها سحنون فقال: لا يجوز. قال ابن رشد: لا وجه للتخفيف في ذلك. وقول سحنون لا يجوز أحسن لقوله تعالى * (في بيوت أذن الله أن ترفع) * فواجب أن ترفع وتنزه عن أن يتوضأ فيها لما يسقط فيها من غسل الأعضاء من أوساخ ولتمضمضه فيه أيضا، وقد يحتاج إلى الصلاة في ذلك الموضع فيتأذى المصلي بالماء المهراق فيه، وقد روي أن رسول الله (ص) قال اجعلوا مطاهركم على أبواب مساجدكم ولقد كره مالك أن يتوضأ رجل في المسجد وأن يسقط وضوؤه في طست، وذكر أن هشاما فعله فأنكر الناس ذلك عليه، ونقله ابن عرفة في كتاب الصلاة. وقال ابن ناجي في شرح الرسالة في هذا المحل: قال الباجي : واختلف أصحابنا في الوضوء فأجازه ابن القاسم في صحنه في رواية موسى بن معاوية، وكرهه سحنون لما في ذلك من مج الريق في المسجد. قال الباجي: ورحاب المسجد كالمسجد في التنزيه انتهى. قال في المدخل في الكلام على الامام والبدع المحدثة في المسجد لما تكلم على الخلاوي المبنية على سطح المسجد: وقد منع علماؤنا الوضوء فالمسجد ومن كان ساكنا في سطوحه فإنه يتوضأ فيه وذلك ممنوع كما لو توضأ داخل المسجد لان حرمة سطحه كحرمته، واختلف في الخطيب إذا أحدث أثناء خطبته أو بعد فراغه هل يجوز له أن يتوضأ في المسجد؟
فروى ابن القاسم أنه لا بأس أن يتوضأ في المسجد في صحنه وضوءا طاهرا، وكرهه مالك وإن كان في طست. ومن يتوضأ في سطحه أو في البيوت التي فيه إنما يتوضأ في داخل المسجد وذلك ممنوع انتهى. وظاهره أنه حرام لا يجوز وأن الخلاف إنما هو في الخطيب فانظره مع ما تقدم. قال الزركشي من الشافعية في أحكام المساجد الثامن: قال ابن المنذر: أباح كل من يحفظ عنه العلم الوضوء في المسجد أن لا يتوضأ في مكان يتأذى الناس به فإنه مكروه.
ويشترط أن لا يحصل تمخط بالاستنشاق ولا بصاق بالمضمضة ونحو ذلك من التنخم وإلا فينتهي إلى التحريم. وحكى المازري عن بعضهم الجواز مع ذلك لان البصاق إذا خالطه الماء صار في حكم المستهلك فكان كما تقدم، وهو يقتضي أنه مع بقاء العين يحرم ولا شك فيه . قال: وينبغي أن يبلع الماء الذي يتمضمض به للخلاص من ذلك وتحصل به سنة المضمضة. ثم