ذكره ابن عبد السلام عن الموازية لكان أبين. فقوله: إن وجبت أجرة المثل راجع إلى قوله:
أو في أثنائه الخ. وقول البساطي: إنه راجع إلى المسألة الأولى أيضا أعني قوله: بلا عمل خلاف ما يقتضيه كلامهم. قال ابن الحاجب: وللفاسدة ثلاثة أحوال قبل العمل فتفسخ. قال ابن عبد السلام: يعني إذا عثر على المساقاة الفاسدة قبل العمل وجب فسخها على أصل المذهب وإلا لما كانت فاسدة، وإذا فسخوا البياعات المكروهة قبل الفوات فالفاسد أولى بالفسخ انتهى. وكذا أطلق ابن شاس الفسخ قبل الفوات بالعمل، وكذا ابن عرفة ناقلا عن ابن رشد.
ونص المقدمات: إذا وقعت المساقاة على غير الوجه الذي جوزه الشارع فإنها تفسخ ما لم تفت بالعمل ورد الحائط إلى ربه انتهى. ومفهوم قول المصنف: إن وجبت أجرة المثل أنها لو لم تجب أجرة المثل وما تجب فيه مساقاة المثل في الحالة الثالثة وهي ما عثر على فساد المساقاة بعد تمام العمل وكان ينبغي له رحمه الله تأخير الكلام على الحالة الثانية عن الحالة التي بعدها لأنها محتاجة إليها في بيانها كما فعل ابن الحاجب.
تنبيه: إنما قلنا: المساقاة تفسخ إذا عثر عليها في أثناء العمل إن كان الواجب فيها أجرة المثل لأنه يكون للعامل حينئذ بحساب ما عمل وإذا كان الواجب فيها مساقاة المثل فلا تفسخ لان الضرورة داعية إلى تمام العمل لان العوض على هذا التقدير إنما يرجع للعامل من الثمرة، ولأنه لو فسخناها لزم أن لا يكون للعامل شئ لما تقدم أنها كالجعل لا شئ للعامل إلا بتمام العمل. قاله في التوضيح ثم قال: وعلى هذا فلا بد أن يكون شرع في العمل بماله بل أشار إليه عياض انتهى.
فرع: قال ابن عبد السلام في آخر كلامه على هذه المسألة: وقد انتهى هذا أن إجارة المثل تتعلق بذمة رب الحائط، وأن مساقاة المثل لا تتعلق بذمته بل تكون في الحائط، وقد تقدم هذا المعنى في القراض مختلفا فيه انتهى. الحالة الثالثة: أن يطلع على فساد المساقاة بعد تمام العمل، والحكم فيها على مذهب ابن القاسم أنه يجب في بعض الصور إجارة المثل وفي بعضها مساقاة المثل، وإليه أشار المصنف بقوله: وبعده أجرة المثل إلى قوله: ولم يشبها.
والمعنى وإن اطلع على فساد المساقاة بعده أي بعد الفراغ من العمل فمذهب ابن القاسم أنه يجب في بعض الصور إجارة المثل، وفي بعضها مساقاة المثل، فتجب أجرة المثل إن خرجا عنها أي عن المساقاة إلى الإجارة الفاسدة أو إلى بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، ومثل ذلك بقوله: كان ازداد أحدهما على الجزء الذي اشترط في المساقاة عينا أو عرضا، لأنه إذا كانت الزيادة من رب الحائط فقد خرجا عن المساقاة إلى الإجارة الفاسدة فكأنه استأجره على أن يعمل له في حائطه بما أعطاه من الدنانير أو الدراهم أو بالعروض وبجزء من ثمرته وتلك إجارة فاسدة، فوجب أن يرد إلى أجرة المثل ويحاسبه رب الحائط بما كان أعطاه من أجرة المثل ولا شئ له في الثمرة، وإذا كانت الزيادة من العامل فقد خرجا عن المساقاة أيضا إلى بيع الثمرة