على المشهور من أن الزرع لا شفعة فيه لكنه لم يبين في المدونة لمن يكون هذا النصف من الزرع، وذكر في النكت والتنبيهات فيه قولين: أحدهما: أنه للبائع مع النصف الأول فيصير جميع الزرع له، والثاني: أنه للمشتري وصوبوا هذا القول الثاني وجعلوا الأول خطأ لان الشفعة بيع والاخذ إنما هو من الشفيع، وعليه العهدة، وفي التنبيهات أنه إذا أخذ بالشفعة فض الثمن على نصف الأرض ونصف الزرع فانظره ولا كراء على الشفيع في نصف هذا الزرع لأنه بمنزلة من اشترى أرضا فزرعها ثم أخذها الشفيع فلا أجرة له. انظر التوضيح. وأما إن لم يأخذ الشفيع بالشفعة فقد بين ما يترتب على ذلك في المدونة. ويفهم من كلام المصنف. وأما قول المصنف: كمشتري قطعه من جنان إلى قوله: ثم استحق جنان البائع فهي مسألة أخرى شبهها بمسألة بطلان البيع في نصف الزرع لبطلان البيع فيها لكون المشتري لا طريق له إلى الانتفاع بما اشتراه، لكن البطلان في مسألة الزرع إنما هو لان الزرع الأخضر لا يجوز بيعه إلا تبع للأرض، ولا يجوز بيعه بانفراده، لأنه لم يبد صلاحه وصلاحه يبسه. وليس المعنى أنه ليس لك أرض يبقى فيها وأنه يحكم بقلعه. ألا ترى أنه للبائع بخلاف مسألة الجنان فإن موجب الفساد أنه لم يبق للمشتري طريق إلى الانتفاع بما اشتراه، فالتشبيه بينهما إنما هو في فقد شرط من شروط صحة البيع، ففي مسألة الزرع من شروط صحة بيعه كونه منتفعا به وقد صار غير منتفع به فتأمله والله أعلم.
مسألة: قال اللخمي في تبصرته في آخر كتاب الشفعة: إذا باع أحد الشريكين لنفسه طائفة بعينها كان شريكه بالخيار بين خمسة أوجه: بين أن يمضيها الشريكة وللمشتري ويبقى له ما لم يبع، أو يكون ما لم يبع شركة بينهما وما بيع بينهما والثمن بينهما، أو يرد " البيع في نصيبه من المبيع ولا يستشفع، أو يستشفع أو يدعو إلى المقاسمة، فإن صارت الطائفة المبيعة للبائع مضى البيع، وإن صارت للآخر كان بالخيار في إجازة البيع ورده، وإن صار بعضها عند من لم يبع فإن أجاز البيع فيه مضى البيع وإن رد البيع في نصيبه كان للمشتري أن يرد البيع فيما بقي في يده إلا أن يكون الذي رده للشريك أيسر الطائفة المبيعة فلا يكون له رد الباقي.
واختلف إذا قال البائع: ليس لك أن تبقى ما لم يبع شركة بيني وبينك وتشاركني فيما بعته ولكن نتقاسم فيصير ذلك لي أو لك، فقيل: لا مقال له في ذلك والمبدأ الشريك الذي لم يبع.