المصنف أنه إنما يرثه إذا ورثه ابن ذكر، وأنه إذا ورثه بنت أو غيرها لم يرثه، وهو خلاف ما تقدم له في اللعان فإنه قال: وورث المستلحق الميت إن كان له ولد أو لم يكن له وقل المال.
وما قاله في اللعان هو الموافق لما في المدونة وأبي الحسن في كتاب اللعان. ونص ما في المدونة:
ومن نفى ولدا بلعان ثم ادعاه بعد أن مات الولد عن مال، فإن كان لولده ولد ضرب الحد ولحق به، وإن لم يترك ولدا لم يقبل قوله لأنه يتهم في ميراثه وحد ولا يرثه انتهى. قال أبو الحسن: قال فضل بن مسلمة: إلا أن يكون المال يسيرا. قال غيره: أو يكون ولده عبدا. وهذا إنما هو في الميراث، وأما النسب فلا حق لان إلحاق النسب ينفي كل تهمة. الشيخ: وكان ينبغي على هذا أن يرث ولكن سبق النفي إلى هذا الولد انتهى. وقال ابن عرفة في باب اللعان بعد نقله كلام المدونة: ظاهر كلامه المتقدم ولو كان الولد بنتا. وذكر بعض المغاربة عن أحمد بن خالد أنه قال: إن كان الولد بنتا لم يرث معها بخلاف إقرار المريض لصديق ملاطف إن ترك بنتا صح إقراره لأنه ينقص قدر إرثها. ابن حارث: اتفقوا فيمن لاعن ونفى الولد ثم مات الولد عن مال وولد فأقر الملاعن به أنه يحلق به ويحد، وإن لم يترك ولدا لم يلحق به.
واختلف في الميراث فقول ابن القاسم فيها يدل على وجوب الميراث وهو قوله: إن لم يترك ولدا لم يقبل قوله لتهمته في الإرث، وإن ترك ولدا قبل قوله لأنه نسب يلحق به. وروى البرقي عن أشهب أن الميراث قد ترك لمن ترك ولا يجب له ميراث وإن ترك ولدا. وذكر أبو إبراهيم عن فضل إن كان المال يسيرا قبل قوله ثم قال: وما ذكره ابن حارث من الاتفاق على عدم استلحاقه إن كان الولد قد مات مثله لابن المواز وابن القاسم وأصبغ. وقال أبو إبراهيم وغيره من الفاسيين: إنما يتهم إن لم يكن له ولد في ميراثه فقط وأما نسبه فثابت باعترافه انتهى.
وقد صرح بذلك في نوازل سحنون من كتاب الاستلحاق وقال في المسألة العاشرة منها قول سحنون في ابن الملاعنة يهلك ويترك ابنة وعصبة ثم يستلحق الأب ابنة الميت قال: تلحق ابنة الميت بجدها ويرجع الجد على العصبة بالنصف الذي أخذوا من ميراث ولده. قال ابن رشد:
وهذا كما قال، لان استلحاقه لابنة الميت الذي لاعن به استلحاق منه لابنته فهي تلحق بجدها، وهي مثل ما في المدونة من أن الملاعن له أن يستلحق ولده الذي لاعن به بعد أن مات ولا يتهم على أنه إنما استلحقه ليرثه إذا كان له ولد، فكما لا يتهم مع الولد وإن كان يرث معه السدس فكذلك لا يتهم مع الابنة وإن كان يرث معها النصف إذ قد يكون مال الذي ترك الولد الذكر كثيرا فيكون السدس عنده أكثر من نصف مال الذي ترك الابنة انتهى. فحمل ابن رشد لفظ الولد في المدونة على الذكر لكنه ساوى بينه وبين الابنة في الحكم. وظاهر كلام ابن غازي في باب اللعان أنه لم يقف على كلام ابن رشد هذا وكذلك ظاهر كلام ابن عرفة.
فرع: ولو ورث المستلحق غير الابن والابنة لم يصدق لان العلة في ذلك إنما هي أن استلحاقه الميت استلحاق لمن ترك من الأولاد وذلك يرفع التهمة. وقد ذكر بعد هذه المسألة في