وجه النظر لأنه فساد، وفي البيوع الفاسدة تقييد بيع التمر قبل بدو صلاحه إذا لم يكن فسادا.
ونقل اللخمي عن المذهب منع توكيل السفيه انتهى. وفهم ابن فرحون كلام ابن الحاجب على خلاف ما فهمه المصنف وابن عرفة فقال إثره: هذا مثال لوكالة التفويض ولفظ ما يقتضي العموم. فلو قال وكلتك بماء إلى تعاطيه من بيع وشراء وطلاق وعتق وقليل الأشياء وكثيرها جاز فعل الوكيل في ذلك كله بشرط أن يكون على وجه النظر، وعكسه هو معزول عنه بالعادة إلا أن يقول له افعل ما رأيت كان نظرا عند أهل البصر والمعرفة أو غير نظر، وليس مراده افعل مما شئت وإن كان سفها كما فهمه صاحب التوضيح انتهى.
قلت: هذا الذي ذكره إنما يتم على القول بمنع توكيل السفيه وهو أحد الطريقين في المسألة كما تقدم في باب الشركة، وأما على القول بجواز ذلك فيرجع ذلك إلى ما قاله في التوضيح. والحق أن النظر ها هنا في مقامين: أحدهما جواز التوكيل على هذا الوجه. والثاني مضى أفعال الوكيل وعدم تضمينه، فأما جواز التوكيل على هذا الوجه، فإن أريد به الاذن بما هو سفه عند الوكيل فالظاهر أن ذلك لا يجوز ولا ينبغي أن يتوقف في ذلك، وإن أريد به الاذن فيما يراه الوكيل صوابا وإن كان عند الناس سفها، فإن كان الوكيل معلوم السفه فكذلك لا يجوز، وإن كان على خلاف ذلك جاز. وأما مضي أفعال الوكيل وعدم تضمينه فالظاهر أن أفعاله ماضية ولا ضمان عليه في شئ لان الموكل أذن له في ذلك. وقد قالوا في كتاب الجراح فيمن أذن لانسان في قطع يده فقطعها أنه لا قود عليه لاذنه له في ذلك، فالمال أحرى. وهذا والله أعلم هو الذي أراده ابن بشير وابن شاس وابن الحاجب، بل هو المتبادر من قولهم مضى أي وإن كان لا يجوز ذلك ابتداء فتأمله. نعم هنا وجه يمكن أن يحمل معه كلامهم على الجواز ابتداء وذلك أنه قال في كتاب الشركة من المدونة: وما صنعه مفوض إليه من شريك أو وكيل على وجه المعروف لم يلزم ولكن يلزم الشريك في حصته ويرد صنيع الوكيل إلا أن يهلك ما صنع الوكيل فيضمنه الموكل انتهى. فإذا كان الوكيل ممنوعا من التبرعات فيمكن أن يقال: معنى قولهم يمضي النظر أي ما فيه مصلحة تعود بتنمية المال لا التبرعات كالعتق والهبة والصدقة إلا أن يقول وكلتك وكالة مفوضة وأذنت لك أن تفعل جميع ما تراه وإن كان غير نظر أي ليس فيه مصلحة تعود بتنمية المال، وإن كان فيه مصلحة في نفسه الامر فتمضي التبرعات ولا يقضى في هذه الأشياء أنها سفه أو فساد إلا ما تفاحش من ذلك وخرج عن الحد ولم يكن فاعله من أهل اليقين والتوكل فتأمله والله أعلم.
الثاني: علم من كلام المدونة المتقدم أن الوكيل المفوض ممنوع من التبرع فأحرى غيره.
وقال ابن عبد البر في كافية ما نصه: وأما الوكيل المفوض إليه فله أن يقبل وأن يؤخر وأن يهضم الشئ على وجه النظر وينفذ فعله في المعروف والصدقة إذا كان لذلك وجه، وفعله كله محمول على النظر حتى يتبين خلاف ذلك، فإذا بان تعديه أو فساده ضمن وما خالف فيه