ينتفع به على حد ما كان ينتفع به أو لا، وأطال في ذلك ومحله كتاب القسمة.
الثالث: قال ابن سهل في أحكامه في أوائل كتاب الدعاوى في دار بين ورثة ليسكنها بعضهم وباقيهم يسأل إخلاءها لبيعها ودعا ساكنيها إلى غرم كرائها على الإباحة للتسويق. فأفتى ابن عتاب: إذا لم تحمل القسمة فإنها تخلى من جميعهم لتسوق خالية إلا أن يوجد من يكتريها من غير الورثة على شرط التسويق فتكرى منه إذا أمن منه الميل إلى بعض الورثة ولم يكن من ناحية أحدهم ولا من سببهم. وأجاب ابن القطان: بقاء الدار هكذا ضرر على من يذهب إلى الارتفاق بنصيبه إن كانت دارا يكرى مثلها، فوجه العمل أن يقال لهم: إن اتفقتم الآن على التقاوم في الكراء إلى أن ينفذ البيع فيها فتقاوموها ثم يسكنها من أراد، وإن أبيتم أخليت منكم ثم أشيدت للكراء كما تشاد للبيع، فإذا بلغ كراؤها ثمنا ما كان لمن أراد السكنى أن يضم حصص أصحابه بما بلغت ويسكن إلا أن يزيد عليه من يشركه فالزائد أحق والإشادة للكراء على شرط التسويق للبيع إلا أن يثبت في ذلك ضرر من الساكن فيها من الورثة يخل بالبيع، فإن أثبت أكريت من غيره، وإن أثبت أن التسويق للبيع خالية أفضل وأوفر للثمن أخليت. وأجاب ابن مالك: إن كانت الدار لا تحمل القسمة فلا أجد فيما أظهر الله لي من العلم على مذهبنا إلا ما قاله ابن القطان. أعرف أنه الحاصل من مذهبنا كما يعرف الناس أبناءهم. قال ابن سهل: كان جواب ابن عتاب مقنعا لو كان إنصاف وائتلاف ولم يكن تنافر ولا اختلاف، وإليه يرجع ما أطال فيه ابن القطان الكلام انتهى. وقوله: على الإباحة أي إباحة نظرها لمن يريد شراءها وفهم من ذلك أنهم لو لم يريدوا بيعها لكان الحكم أن يتقاوموا كراءها فتأمله، وإن كان ذلك حبسا فقال في سماع سحنون من كتاب الحبس من العتبية: وإن كانت الدار واسعة فقال الأغنياء نحن لا نحتاج للسكنى ولكن ينظر إلى قدر ما يصير لنا من السكنى فنسكنه من أحببنا أو نكريه لهم. قال ابن رشد: فإن استووا في الفقر والغنى ولم تسعهم السكنى أكرى ذلك عليهم وقسم الكراء بينهم شرعا سواء إلا أن يرضى أحدهم أن يكون عليه ما يصير لأصحابه من الكراء ويسكن فيها فيكون ذلك له. قاله ابن المواز انتهى.
الرابع: قال اللخمي في أوائل كراء الدور: وإن كانت الدار شركة فأكرى أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه فلم يجز ذلك، ودعا إلى البيع كان ذلك له إذا كانت لا تنقسم، وإن لم يدع إلى البيع ورضي ببقاء الشركة وطلب الاخذ بالشفعة وكان الكراء في نصف شائع فاختلف في ذلك، فقال مالك مرة: لا شفعة فيه. ومرة قال: فيه الشفعة. وهذا إذا كانت الدار تحمل القسمة وأراد الشريك أن يأخذ بالشفعة ليسكن، وإن أراد ذلك ليكريه لم يكن ذلك له وهو بمنزلة من يأخذ الشفعة ليبيع. وكذلك الحانوت يكون بين الشريكين فيكري أحدهما نصيبه شائعا فلا شفعة للآخر إذا كان لا يحمل القسمة وكان يأخذ بالشفعة ليكري، وإن كان يحمل