(واعلم) أنه يجوز للأجنبي أن يخالع بنفسه وإن كرهت الزوجة، وذلك لان الطلاق يستقل به الزوج، والالتزام يتأتى من الأجنبي: لان الله تعالى سمى الخلع فداء كفداء الأسير، وقد يحمله على ذلك غرض صحيح كتخليصها ممن يسئ العشرة بها ويمنعها حقوقها، واختلاعه كاختلاعها لفظا وحكما، فهو من جانب الزوج ابتداء معاوضة مشوبة بتعليق، ومن جانب الأجنبي ابتداء معاوضة مشوبة بجعالة. فإذا قال الزوج للأجنبي طلق امرأتي على ألف في ذمتك فقبل أو قال الأجنبي للزوج طلق امرأتك على ألف في ذمتي فأجابه بانت بالمسمى، وعبارة الروض وشرحه: وللأجنبي أن يوكل الزوجة لتختلع عنه فتتخير هي بين الاختلاع لها والاختلاع له بأن تصرح أو تنوي، فإن أطلقت وقع لها لان منفعته لها، فإن قال لها سلي زوجك طلاقك بألف ولم يقل علي فليس بتوكيل حتى لو اختلعت كان المال عليها، بخلاف قولها له ذلك فإنه توكيل وإن لم تقل علي لان منفعة الخلع لها. وإن قال لها سلي زوجك طلاقك بألف علي ففعلت ونوت الإضافة إليه أو تلفظت به، كما فهم بالأولى، وصرح به الأصل، فالمال عليه، وإلا فعليها. وقول الأجنبي للأجنبي سل فلانا يطلق زوجته على ألف كقوله للزوجة، ويفرق بين قوله علي وعدمه. اه (قوله: ففعلا) أي طلق كل منهما زوجته.
وفي حاشية السيد عمر ما نصه: قوله ففعلا يقتضي أنه لا بد من طلاق آخر من البادي، وكأن وجهه أن قوله على أن أطلق وعد لا إيقاع. فليتأمل. وعليه فيتردد النظر فيما إذا طلق المخاطب وتوقف البادي عن الطلاق: هل يقع أو لا؟ محل تأمل ينبغي أن لا يقع إلا إذا قصد الابتداء. اه (قوله: لان العوض فيه مقصود) تعليل لعدم فساد الخلع ولا يقال إن العوض المذكور فاسد لأنه لا يصح جعله صداقا، فكيف صح الخلع؟ لأنا نقول إن المدار في صحة الخلع على قصد العوض:
سواء كان صحيحا وهو ما صح صداقه، أو فاسدا وهو ما ليس كذلك؟ (قوله: فلكل على الآخر مهر مثل زوجته) أي لفساد العوض.
(تنبيه) حاصل مسائل هذا الباب أن الطلاق إما أن يقع بالمسمى بائنا، وذلك إن صحت الصيغة والعوض أو يقع بائنا بمهر المثل، وذلك إن فسد العوض فقط وكان مقصودا أو يقع رجعيا، وذلك إن فسدت الصيغة كخالعتك على هذا الدينار على أن لي الرجعة أو كان العوض فاسدا غير مقصود أو لا يقع أصلا إن علق بما لم يوجد (قوله: تنبيه) أي في بيان أن الفرقة بلفظ الخلع طلاق ينقص العدد (قوله: الفرقة بلفظ الخلع) أي سواء قلنا أنه صريح أو كناية ونواه به. وقوله طلاق ينقص العدد: أي لان الله تعالى ذكره بين طلاقين في قوله: * (الطلاق مرتان) * الآية، فدل على أنه ملحق بهما ولأنه لو كان فسخا لما جاز على غير الصداق: إذ الفسخ يوجب استرجاع الثمن، كما أن الإقالة لا تجوز بغير الثمن (قوله: وفي قول) أي ضعيف (قوله: الفرقة الخ) الاخصر أن يقول كالمنهاج وفي قول نص عليه في القديم والجديد أنه فسخ (قوله:
إذا لم يقصد به طلاقا) قيد وسيذكر محترزه، بقوله كما لو قصد بلفظ الخلع الطلاق (قوله: فسخ لا ينقص عددا) قال في التحفة:
(فإن قلت) لما كان الفسخ لا ينقص العدد والطلاق ينقصه؟ وما الفرق بينهما من جهة المعنى؟.
(قلت) يفرق بأن أصل مشروعية الفسخ إزالة الضرر لا غير وهي تحصل بمجرد قطع دوام العصمة فاقتصروا به على ذلك إذ لا دخل للعدد فيه وأما الطلاق فالشارع وضع له عددا مخصوصا لكونه يقع بالاختيار لموجب وعدمه ففوض لإرادة الموقع من استيفاء عدده وعدمه. اه (قوله: فيجوز تجديد الخ) مفرع على أنه فسخ. وقوله بعد تكرره: أي الخلع (قوله: واختاره كثيرون) أي واختار هذا القول كثيرون واستدلوا بالآية السابقة نفسها، قالوا: إذ لو كان الافتداء طلاقا لما