أقول: روى البخاري، عن أبي هريرة أيضا انه قال: إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة، ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا، ثم يتلو: ﴿إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات﴾ (1) (2).
ترى ما هي البينات التي خشي أبو هريرة من بثها بين الناس؟ فاضطر إلى كتمها تقية، لكي لا يقطع منه البلعوم.
لقد أجاب ابن حجر العسقلاني الشافعي (ت / 852 ه) على هذا السؤال ولكن لم يتم جوابه، وإن أفصح عما فيه الكفاية، فقال:
وحمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي امراء السوء، وأحوالهم، وزمنهم. وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه ولا يصرح به خوفا على نفسه منهم، كقوله: (أعوذ بالله من رأس الستين، وإمارة الصبيان). يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية، لأنها كانت سنة ستين من الهجرة.
ثم نقل عن ابن المنير قوله: وانما أراد أبو هريرة بقوله: (قطع) أي: قطع أهل الجور رأسه، إذا سمعوا عيبه لفعلهم، وتضليله لسعيهم (3).
أقول: ليس من البعيد ان تكون بعض الأحاديث التي كتمها أبو هريرة ليست في معايب الأمويين، وانما في مناقب وفضائل أمير المؤمنين عليه السلام الذي يلعنونه على منابرهم. فيكون مثله كمثل من يمتدح المفكر الإسلامي الخالد الشهيد محمد باقر الصدر بمرأى ومسمع من أقدم على اعدامه استهانة بدين