حجية السنة النبوية:
والحديث حول حجية ما صدر عن النبي من قول أو فعل أو تقرير، أوضح من أن يطال فيها الحديث، إذ لولاها لما اتضحت معالم الاسلام، ولتعطل العمل بالقرآن، ولما أمكن ان يستنبط منه حكم واحد بكل ما له من شرائط وموانع، لأن أحكام القرآن لم يرد أكثرها لبيان جميع خصوصيات ما يتصل بالحكم، وانما هي واردة في بيان أصل التشريع، وربما لا نجد في حكما واحدا قد استكمل جميع خصوصياته قيودا وشرائط وموانع، خذوا على ذلك مثلا هذه الآيات المباركة (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة (1). كتب عليكم الصايم كما كتب على الذين من قبلكم (2)، (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا (3)، ثم حاولوا التجرد عن تحديدات السنة لمفاهيمها وأجزائها وشرائطها وموانعها، فهل تستطيعون ان تخرجوا منها بمدلول محدد، وما يقال عن هذه الآيات يقال عن غيرها، فالقول بالاكتفاء بالكتاب عن الرجوع إلى السنة تعبير آخر عن التنكر لأصل الاسلام وهدم لأهم معالمه وركائزه العملية.
وقد قامت محاولات على عهد رسول الله (ص) وبعده للتشكيك بقيمة السنة، أمثال ما حدث به عبد الله بن عمرو، قال: كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله (ص) أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: انك تكتب كل شئ تسمعه من رسول الله (ص) وهو بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك للرسول،