السنة في الشريعة الإسلامية - محمد تقي الحكيم - الصفحة ٦٠
النبي (ص) منزه عن التفريط برسالته، فلابد أن نفترض جعل مرجع تحدد لديه السنة بكل خصائصها، وبهذا تتضح أهمية حديث الثقلين وقيمة ارجاع الأمة إلى أهل البيت فيه لأخذ الأحكام عنهم، كما تتضح أسرار تأكيده على الاقتداء بهم (1)، وجعلهم سفن النجاة تارة (2)، وأمانا للأمة أخرى (3)، وباب حطة ثالثة (4) وهكذا... وبخاصة إذا أدركنا مقام النبوة وما يقتضيه من تنزيه عن جميع المجالات العاطفية غير المنطقية، والا فما الذي يفرق أهل بيته عن غيرهم من الأمة ليضفي عليهم كل هذا التقديس، ويلزمها بهذه الأوامر المؤكدة بالرجوع إليهم، والاقتداء بهم، والتمسك بحبلهم؟.
أما ما يتصل بعدم تعيينه المراد من أهل البيت، فهذا من أوجه ما أورده أبو زهرة من اشكالات على هذا الحديث.
وكون القضية لا تشخص موضوعها بديهية، لذلك نرى ان نتعرف على المراد من أهل البيت من خارج نطاق هذا الحديث.
من أهل البيت؟
وأول ما يلفت النظر سكوت الأمة عن استيضاح أمرهم من النبي (ص) وبخاصة وقد سمعوه منه في نوب متفرقة وأماكن مختلفة، أما كان فيهم من يقول له: أنك عصمتنا من الضلالة بالرجوع إلى أهل بيتك، وجعلتهم قرناء القرآن، فمن هم أهل هذا البيت لنعتصم بهم؟
أترى ان عصمتهم من الضلالة من الأمور العادية التي لا تهم معرفتها والاستفسار عنها، أم ترى أنهم كانوا معروفين لديهم فما احتاجوا إلى استفسار وحديث؟.
والذي يبدو ان الصحابة ما كانوا في حاجة إلى استفسار وهم يشاهدون

(١) مضامين الأحاديث، اقرأها وأسانيدها من كتب السنة في كتاب المراجعات للامام شرف الدين، ص 23 وما بعدها.
(2) ما مر آنفا في هامش رقم 1.
(3) ما مر آنفا في هامش رقم 1.
(4) ما مر آنفا في هامش رقم 1.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»