السنة في الشريعة الإسلامية - محمد تقي الحكيم - الصفحة ١٦
دفعه انما يتم إذا تذكرنا ما سبق ان قلناه من أن كل حجة لا تنتهي إلى العلم فهي ليست بحجة، لأن القطع هو الحجة الوحيدة التي لا تحتاج إلى جعل، وبها ينقطع التسلسل ويرتفع الدور.
وهذه الأصول العقلائية التي يفزع إليها الناس في سلوكهم مع بعضهم، لا تحدث علما بمدلولها ولا تكشف عنه أصلا لا كشفا واقعيا ولا تعبديا.
أما نفي الكشف الواقعي عنها فواضح لعدم التلازم بين اجراء أصالة عدم الخطأ في سلوك شخص ما وبين إصابة الواقع والعلم به، ولو كان بينهما تلازم عقلي لأمكن اجراء هذا الأصل مثلا في حق أي شخص واعتبار ما يصدر عنه من السنة ولا خصوصية للنبي في ذلك.
وأما نفي الكشف التعبدي عنها فلأنه مما يحتاج إلى جعل من قبل الشارع، ومجرد بناء العقلاء لا يعطيه هذه الصفة ما لم يتم امضاؤه من قبله.
وشأنه في ذلك شأن جميع ما يصدرون عنه من عادات وتقاليد وأعراف، والسر في ذلك أن القطع بصحة الاحتجاج به على الشارع لا يتم الا إذا تم تبنيه من قبله وعلم ذلك منه، وكل حجة لا تنتهي إلى القطع بصحة الاحتجاج بها، فهي ليست بحجة كما سبق بيان ذلك مفصلا.
هذا إذا أعطينا هذه الأصول صفة الامارية، أما إذا جردناها منها واعتبرناها وظائف عقلائية جعلوها عند الشك لينتظم سلوكهم في الحياة، فأمرها أوضح لعدم حكايتها عن أي واقع ليعتبر ما تحكى عنه من قبيل التشريع.
والاعتماد عليها كوظائف لا يتم الا إذا تم تبني الشارع لها بالامضاء أيضا لنفس السبب السابق.
وعلى هذا فحجية هذه الأصول وأمثالها موقوفة على امضاء الشارع لها بقوله أو تقريره، وكون هذا الامضاء حجة أي موقوفة على
(١٦)
مفاتيح البحث: الحج (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 20 21 22 23 ... » »»