الجمع بين الصلاتين - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢٦
كما اتفقوا أيضا على جواز الجمع في المزدلفة (للحجاج المسافرين) بين الفريضتين: المغرب والعشاء في وقت العشاء. وهذا في اصطلاحهم جمع تأخير، باعتبار أنهم يؤخرون المغرب إلى وقت العشاء.
وفيما عدا هذين المكانين (أي عرفة والمزدلفة بالنسبة إلى الحجاج المسافرين) اختلفوا في جواز الجمع وعدمه.
أما الحنفية فيمنعون الجمع بين الصلاتين مطلقا أتباعا لفتيا الإمام (أبي حنيفة) فلا يجوز الجمع عندهم لا حضرا ولا سفرا، لا لمطر ولا لمرض، لا لطين ولا لخوف في كل ذلك وغير ذلك من الأعذار.... لا يجوز الجمع عندهم إلا في عرفة والمزدلفة كما قلنا. وسنناقش هذه الفتوى في بحوثنا الآتية مناقشة علمية، على ضوء الكتاب والسنة والإجماع.
وأما المالكية والشافعية والحنبلية، فاتفقوا على جواز الجمع بين الصلاتين بعذر السفر، ولكن على تنازع في شروط السفر المبيح للجمع. وما عدا السفر من الأعذار الأخرى كالمطر والطين والمرض والخوف وغير ذلك من الأعذار فهم فيها مختلفون... وسنذكر فتاوى المذاهب الأربعة من كتبهم في ذلك. وأما مذهب أهل البيت (ع) وهم الأئمة الاثني عشر من آل محمد (ص) الذين أفترض الله الصلاة عليهم في الصلاة الواجبة والمندوبة بحيث لا تقبل الصلاة بل ولا تصح ولا تتم إلا بالصلاة عليهم مقترنة مع الصلاة عليه صلى الله عليه وآله (1)..

(١) قد صح في جميع الصحاح الستة، وسائر كتب السنن، والمسانيد، والتفسير، والتاريخ، والفضائل، والمناقب، القديمة منها والحديثة عن جملة من الصحابة منهم سيد العترة علي أمير المؤمنين عليه السلام وكعب بن عجرة، وأبو مسعود الأنصاري، وعبد الله بن مسعود، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وطلحة بن عبيد الله التيمي، وزيد بن خارجة، وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وزيد بن ثابت، وأبو حميد الساعدي، وعبد الله بن عمر وغيرهم، وقد صح عنهم جميعا تعليم رسول الله صلى الله عليه وآله الصحابة الأولين كيفية الصلاة عليه، وقارن في جميع تلكم الأحاديث ذكر الآل بذكره (ص) وقل حكم في شرعة الإسلام جاء فيه من الحديث مثل ما جاء في كيفية الصلاة عليه (ص)، وقد جمعنا ما ورد فيها وفي ألفاظها وصورها وهي تربو على الخمسين لفظا، مما يقارب المائة مصدر من مصادر أهل السنة فقط، وفي كافة تلك الأحاديث قارن الصلاة على آله بالصلاة عليه صلى الله عليه وآله، جمعنا ذلك في حلقة خاصة سميناها (الصلاة على محمد وآله في الميزان) على ضوء الكتاب والسنة والإجماع والعقل. نسأل الله تعالى إكمالها وطبعها إنه سميع مجيب. لقد كملت والحمد لله، وهي الحلقة الخامسة وستأتيك إن شاء الله قريبا.
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»