قادتنا كيف نعرفهم - آية الله العظمى السيد محمد هادي الحسيني الميلاني - ج ٥ - الصفحة ٢٦٠
وقد روى سفيان بن حمزة عن كثير بن زيد عن المطلب انّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لم يكن اذن لأحد أن يمرّ في المسجد ولا يجلس فيه وهو جنب الّا عليّ بن أبي طالب، فانّه كان يدخله جنباً ويمرّ فيه لأن بيته كان في المسجد. فأخبر في هذا الحديث بحظر النّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم الاجتياز كما حظر عليهم القعود.
قال: وما ذكر من خصوصيّة علي رضي اللَّه عنه فهو صحيح، وقول الرّاوي لأنّه كان بيته في المسجد ظنّ منه، لأنّ النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قد أمر في الحديث الأوّل بتوجيه البيوت الشّارعة إلى غيره، ولم يبح لهم المرور لأجل كون بيوتهم في المسجد. وانّما كانت الخصوصيّة فيه لعليّ رضي اللَّه عنه دون غيره، كما خصّ جعفر بأن له جناحين في الجنّة دون سائر الشّهداء، وكما خصّ حنظلة بغسل الملائكة له حين قتل جنباً، وخصّ دحية الكلبي بأن جبريل كان ينزل على صورته، وخصّ الزّبير باباحة الحرير لما شكا من اذى القمل. فثبت انّ سائر النّاس ممنوعون من دخول المسجد مجتازين وغير مجتازين.
وقال في باب العمل اليسير في الصّلاة في الآية «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ» «1». روي عن مجاهد، والسدّي، وأبي جعفر، وعتبة بن أبي حكيم: انّها نزلت في عليّ بن أبي طالب حين تصدّق بخاتمه وهو راكع ...
وقوله تعالى: «وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ» يدلّ على انّ صدقة التطوّع تسمّى زكاةً لأنّ عليّاً تصدّق بخاتمه تطوّعاً.
طبع الكتاب في مطبعة دار الخلافة العثمانية، سنة 1335.

(1)
سورة المائدة: 55.
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة