وآخر عن يسارها وواحد في مؤخرها، فإذا وقع الزرع فيها انضمت عليه، ثم يتغير الزرع فيصير بعد سادسة يوم شبه الرغوة، وبعد أربعة عشر يوما شبه الدم، وبعد ستة وعشرين يوما شبه المضغة، ثم ينتفخ ويربو في كل يوم بأنفاس المرأة وبما يدخلها من الهواء فتنشق تلك المضغة ويصير في موضع ذلك السرة، ومنها يصل إلى الجنين الأنفاس، فكلما تنفس الجنين فمن السرة يدخل عليه الغذاء، وانما يغتذي الجنين من الدم الذي ينزل من البدن كله فيحتبس حول القشرة التي هو فيها أعني السلا، والمرأة الحبلي لا تطمث لان فضول بدنها تصير غذاء للجنين، وان طمثت أسقطت أو ضعفت والمولود الا ان تكون المرأة قوية كثيرة الدم، وقال أبقراط ان كل شئ رطب إذا سخن خرجت منه ريح ودخلته ريح أخرى، مثل أكمام الشجر، فإنها إذا سخنت صار فيها الريح، وقال إن القشرة التي تلتف على المضغة هي مثل ما يحدث للرفاق الحار من القشرة، وقال أرسطوطيلس ان أول كل شئ يكون من الجنين القلب لأنه موضع الحياة ومستقر الحرارة الغريزة، ويكون من بعده الدماغ لأنه موضع الحواس ومنبت العصب، ومنه الحس والحركة، وما أحسن ما قال الفيلسوف في ذلك، فان أحق الأعضاء بان يتقدم كونه موضع الحياة وموضع الحس والحركة، غير اني رأيت أبقراط قد خالفه في ذلك، وذكران أول عضو يتكون الدماغ والعين، و ان ذلك ظاهر في كون الفراريج، وقال أبقراط أنه يكون من الاجزاء اللينة الرطبة التي يغتذي بها الجنين ما لان من بدن الجنين، ويكون من اجزاء الغذاء الصلبة ما صلب منه، فإنه يتفرع بدنه كتفرع الشجرة إلى داخل والى خارج، وينفصل الأعضاء ويلتوي عليها العصب، وينشق مواضع الحواس في الرأس، ولا يتنفس حينئذ من السرة بل من الانف،
(٣٢)