و قال تعالى: ﴿إذا جاء أجلهم﴾ (١) ﴿بلى قد جاءتك آياتي﴾ (٢) ﴿فقد جاءوا ظلما وزورا﴾ (٣) أي قصدوا الكلام وتعمدوه، فاستعمل فيه المجيئ كما استعمل فيه القصد - وأصل العمد هو القصد - ﴿إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم﴾ (٤) ﴿وجاء ربك والملك صفا صفا﴾ (٥) فهذا بالأمر لا بالذات وهو قول ابن عباس. (٦) انتهى.
أقول: وهذه كلها مجازات المعنى الأول.
«الألف واللام» للجنس أو للعهد إن كان المراد بالوحي القرآن. قال الراغب: أصل الوحي: الإشارة السريعة ولتضمن السرعة قيل: أمر وحي، وذلك يكون بالكلام على سبيل الرمز والتعريض، وقد يكون بصوت مجرد عن التركيب، وبإشارة ببعض الجوارح، وبالكتابة، وقد حمل على ذلك قوله تعالى عن زكريا (عليه السلام): ﴿فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا﴾ (7) فقد قيل: رمز، وقيل: اعتبار، وقيل: كتب.
ثم قال: ويقال للكلمة الإلهية التي تلقى إلى أنبيائه وأوليائه: «وحي» وذلك أضرب حسب ما دل عليه قوله: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء). (8) وذلك إما برسول مشاهد ترى ذاته ويسمع كلامه كتبليغ جبرئيل عليه السلام للنبي في صورة معينة.