والدليل على ما ذكرنا أنه يجوز مراعاة محل مجرورها كثيرا نحو: رب امرأة صالحة لقيت ورجلا صالحا وإن لم يجز نحو: مررت بزيد وعمرا إلا قليلا كما يأتي نقله من المغني.
لكنه قال في الكلام على أقسام العطف على المحل: إنه له ثلاثة شروط: أحدها: إمكان ظهور ذلك المحل في الفصيح. وهذا الشرط مفقود هنا ولعله مستثنى منه.
وقد ذهب ابن هشام في الباب الثالث من المغني إلى أنها لا تتعلق بشيء فقال: الرابع أي: مما استثني من قولهم: لا بد لحرف الجر من متعلق: رب في نحو: رب رجل صالح لقيته أو لقيت لأن مجرورها مفعول في الثاني ومبتدأ في الأول أو مفعول على حد: زيدا ضربته ويقدر الناصب بعد المجرور به لا قبل الجار لأن رب لها الصدر من بين حروف الجر وإنما دخلت في المثلين لإفادة التكثير أو التقليل لا لتعدية عامل. هذا قول الرماني وابن طاهر.
وقال الجمهور: هي فيهما حرف جر معد. فإن قالوا: إنها عدت العامل المذكور فخطأ لأنه يتعدى بنفسه ولاستيفائه معموله في المثال الأول.
وإن قالوا: عدت محذوفا تقديره حصل أو نحوه كما صرح به جماعة ففيه تقدير لما معنى الكلام مستغن عنه ولم يلفظ به في وقت. انتهى.
وقال أيضا في بحث رب من الباب الأول: وتنفرد رب بوجوب تصديرها ووجوب تنكير مجرورها ونعته إن كان ظاهرا وإفراده وتذكيره وتمييزه بما يطابق المعنى إن كان ضميرا وغلبة) حذف معداها ومضيه وإعمالها محذوفة بعد الفاء كثيرا وبعد الواو أكثر وبعد بل قليلا وبدونهن أقل.
وبأنها زائدة في الإعراب دون المعنى فمحل مجرورها في نحو: رب رجل صالح عندي رفع على الابتداء. وفي نحو: رب رجل صالح لقيت نصب على المفعولية. ونحو: رب رجل صالح لقيته رفع أو نصب كما في زيدا لقيته.
ويجوز مراعاة محله كثيرا وإن لم يجز نحو: مررت بزيد وعمرا إلا قليلا. قال: الطويل *