) فأتاهم تلك الليلة وهم يتذاكرون أمر الربيع فقال لهم: ما لكم تتناجون فكتموه وقالوا له: إليك عنا. فقال: أخبروني فلعل لكم عندي فرجا. فزجروه فقال: لا والله لا أحفظ لكم ولا أسرح لكم بعيرا أو تخبروني.
وكانت أم لبيد عبسية في حجر الربيع فقالوا له: إن خالك قد غلبنا على الملك وصد عنا وجهه.
فقال لهم: هل تقدرون أن تجمعوا بيني وبينه غدا حين يقعد الملك فأرجز به رجزا ممضا مؤلما لا يلتفت إليه النعمان بعده أبدا قالوا له: وهل عندك ذلك قال: نعم.
قالوا: إنا نبلوك بشتم هذه البقلة وقدامهم بقلة دقيقة القضبان قليلة الورق لاصقة فروعها بالأرض تدعى التربة فاقتلعها من الأرض وأخذها بيده وقال: هذه البقلة التربة الثفلة الرذلة التي لا تذكي نارا ولا تسر جارا عودها ضئيل وفرعها ذليل وخيرها قليل. بلدها شاسع ونبتها خاشع وآكلها جائع والمقيم عليها قانع. أقصر البقول فرعا وأخبثها مرعى وأشدها قلعا فحربا لجارها وجدعا. ألقوا بي أخا عبس أرجعه عنكم بتعس ونكس وأتركه من أمره في ليس.
فقالوا: نصبح ونرى فيك رأينا. فقال لهم عامر: انظروا إلى غلامكم هذا فإن رأيتموه نائما فليس أمره بشيء إنما تكلم بما جرى على لسانه. وإن رأيتموه ساهرا فهو صاحبكم.
فرمقوه بأبصارهم فوجدوه قد ركب رحلا يكدم واسطته حتى أصبح. فلما أصبحوا قالوا: أنت والله صاحبه. فحلقوا رأسه وتركوا له ذؤابتين وألبسوه حلة وغدوا به معهم فدخلوا على النعمان فوجدوه يتغدى ومعه الربيع ليس معه غيره والدار والمجالس مملوءة بالوفد.
فلما فرغ من الغداء أذن للجعفريين فدخلوا عليه والربيع إلى جانبه. فذكروا