خزانة الأدب - البغدادي - ج ٩ - الصفحة ٥٤٣
أتوهم بعساس اللبن والعسل وألوان الأشربة ثم توضع السفرة والطعام للعامة ويوضع له ولإخوانه خوان مرتفع فيأكل معه الوجوه ثم يتفرقون للصلاة ثم يأتيه سماره فيحضرون مجلسه فيسامرونه حتى يذهب عامة الليل.
وكن يسأل كل ليلة عشر حوائج فإذا أصبحوا قضيت. وكان رزقه ستمائة ألف درهم فكان يقسم كل شهر في أصحابه من قومه ومن الفقهاء والوجوه وأهل البيوتات أكثر من نصفها.
روي أن شريك بن عبد الله النمري سايره يوما فبرزت بغلة شريك فقال له ابن هبيرة: غض من لجامها. فقال شريك: إنها مكتوبة أصلح الله الأمير فقال ابن هبيرة: ما ذهبت حيث أردت.
وقول ابن هبيرة: غض من لجامها يشير إلى قول جرير: الوافر * فغض الطرف إنك من نمير * فلا كعبا بلغت ولا كلابا * فعرض له شريك بقول ابن دارة: البسيط * لا تأمنن فزاريا خلوت به * على قلوصك واكتبها بأسيار * وكان بنو فزارة في العرب يرمون بإتيان الإبل.
وأخبار ابن هبيرة ومحاسنه كثيرة.
وقوله: ألا إن عينا لم تجد... إلخ افتتح كلامه بحرف التنبيه ثم أخذ يعظم أمر الفجيعة ويبين موقعها من النفوس وتأثيرها في القلوب فقال: إن عينا لم تجد بدمعها عليك يوم واسط لشديدة البخل بما في شؤونها من الماء.
قال الجواليقي في شرح أدب الكاتب: لم تجد: لم تسمح بالبكاء.
(٥٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 ... » »»