أمرتك الخير فافعل ما أمرت به وهذه أفعال توصل بحروف الإضافة فتقول: اخترت من الرجال وسميته بفلان كما تقول: عرفته بهذه العلامة وأستغفر الله من ذلك. فلما حذفوا حرف الجر عمل الفعل.
وليس أستغفر الله ذنبا وأمرتك الخير أكثر في كلامهم جميعا وإنما يتكلم به بعضهم.
فهذه الحروف كان أصلها في الاستعمال أن توصل بحروف الإضافة. ومنه قول الفرزدق:
* منا الذي اختير الرجال سماحة * وجودا إذا هب الرياح الزعازع * اه.
والبيت مطلع قصيدة للفرزدق تقدم أبيات منها قبل هذا بشاهد. قال صاحب المصباح: سمح بكذا يسمح بفتحتين سموحا وسماحا وسماحة: جاد وأعطى أو وافق على ما أريد منه.
والجود: الكرم. وروى بدله: وخيرا بكسر المعجمة وهو الكرم.
والزعازع: جمع زعزع كجعفر وهي الريح التي تهب بشدة. وعنى بذلك الشتاء وفيه تقل الألبان وتعدم الأزواد ويبخل الجواد.) فيقول: هو جواد في مثل هذا الوقت الذي يقل فيه الجود. وسماحة وجودا مصدران منصوبان على المفعول لأجله كأنه قيل: اختير من الرجال لسماحته وجوده.
ويجوز أن يكونا تمييزين أو حالين أي: سمحا وجوادا. قاله ابن خلف ولم يذكر ابن المستوفي غير الأخيرين.
وقال ابن السيد في أبيات المعاني: ونصب سماحة على المصدر مما دل عليه اختبر لأنه لا يختار إلا الكرام.