على أن النفي بالمعنى الثاني وهو أن يرجع النفي لما بعد الفاء كثير الاستعمال كما في البيت فإن النفي منصب على ينطق في المعنى وقام مثبت في تأويل المستقبل لمناسبة المعطوف.
ولهذا قال الشارح المحقق: أي يقوم ولا يقوم إلا بالتي هي أعرف. وإنما جعل النفي هنا بالمعنى الثاني لأجل الاستثناء فإن الاستثناء المفرغ لا يكون إلا مع النفي فلما اعتبر في ينطق صح وجوز صاحب اللباب أن يكون النفي في البيت على ظاهره من القسم الأول. قال في باب الاستثناء: والمفرغ لا يكون إلا في الإثبات. إلى أن قال: ويجوز فيما هو جواب النفي. وأنشد هذا البيت.
قال الفالي في شرحه: لا يقال ينبغي أن لا يجوز لأن قولك فينطق مثبت ولا يصح المفرغ في المثبت لأن قوله: فينطق بالنصب بأن المضمرة والتقدير: فأن ينطق وهذا المصدر معطوف على مصدر منتزع من الأول وهو قام أي: ما يكون قيام فنطق. فحكم النفي منسحب على القيام والنطق.
فالنطق في المعنى منفي فيصح الاستثناء المفرغ فيه. ونظيره: ما تأتينا فتحدثنا بالنصب أي: ما يكون منك إتيان فتحديث على نفي المركب أي: ما يكون منك إتيان كثير ولا تحديث عقيبه. اه.) وهذا نص سيبويه في باب الفاء قال: وتقول ما أتيتنا فتحدثنا والنصب فيه كالنصب في الأول وإن شئت رفعت على معنى فأنت تحدثنا الساعة. والرفع فيه يجوز على ما.
وإنما اختير النصب لأن الوجه ها هنا وحد الكلام أن تقول: ما أتيتنا فحدثتنا فلما صرفوه عن هذا الحد ضعف أن يضموا يفعل إلى فعلت فحملوه على الاسم كما لم يجز أن يضموا إلى وأما الذين رفعوه فحملوه على موضع أتيتنا لأن أتيتنا في موضع فعل مرفوع وتحدثنا ها هنا في موضع حدثتنا. وتقول: ما تأتينا فتكلم إلا بالجميل. فالمعنى: