خزانة الأدب - البغدادي - ج ٨ - الصفحة ٣٢٢
أما الأول فلأن التفضيل إنما يفوت لو لزم تقدير فعل ناصب للمفعول إذ لا يكون لاسم التفضيل تعلق معنوي بذلك المنصوب لكنه ممنوع لجواز أن يكون أضرب متعلقا بالقوانس من حيث المعنى مع أن يكون انتصابها بفعل مقدر. وإذن تعلق به معنى يحصل مراد الشاعر وهو التفضيل.) وقال المصنف في أماليه في قولنا مررت بزيد قائما: إن العامل في زيد في اللفظ هو الباء ومن حيث المعنى هو مررت وفي قائما بالعكس. يعني أن الفاعل فيه من حيث المعنى هو الباء ومن حيث اللفظ هو مررت. هذا كلامه.
فأقول: لا يبعد فيما نحن فيه أيضا أن يكون نضرب عاملا لفظا في القوانس ويكون لأضرب تعلق بها من حيث المعنى فحينئذ يتم ما ذكرنا.
وأما الوجه الثاني فلأن الدال على عامل مقدر لا يلزم أن يكون مما يعمل عمل ذلك العامل.
ألا ترى أن الدال على العامل المقدر في قولنا: زيد مررت به هو مررت مع أنه لا ينصب زيدا. ونظائره كثيرة.
فإن قلت: مررت مع الباء يصح أن ينصب زيدا فلذلك يدل على الناصب المقدر. قلت: فكذا أضرب فيما نحن فيه مع اللام المقدرة يصح أن تنصب القوانس لأنكم ذهبتم إلى أن القوانس تعلق بأضرب تعلق المضروب به وإذا صح أن يكون ناصبا لها مع اللام صح أن يكون دالا على عاملها.
وإذا ثبت فساد الوجهين فلا يكون التقدير الثاني أولى من التقدير الأول بل الأمر بالعكس لأن تقدير الفعل أكثر من تقدير حرف الجر.
وأيضا التفصيل الذي ذكره للخوافض الثلاث مخالف لما يفهم من كلام المحققين على ما لا يخفى على الأذكياء. انتهى كلام الجاربردي.
وأقول: لم يبين الفساد الذي ادعاه على وجهين من تقدير اللام وغاية ما أورده تصحيح تقدير الفعل على زعمه. فتأمل وأنصف. والله تعالى أعلم.
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»