ثم قال لقهرمانه: احمل إلى الحسين نصف ما أملكه من فضة وذهب وثوب ودابة وأخبره أني شاطرته مالي فإن أقنعه ذلك وإلا فارجع واحمل إليه الشطر الآخر.
فقال له القيم: فهذه المؤن التي عليك من أين تقوم بها قال: إذا بلغنا ذلك دللتك على أمر يقيم فلما أتى الرسول برسالته إلى الحسين قال: إنا لله حملت والله على ابن عمي وما حسبته يتسع) لنا بهذا كله. فأخذ الشطر من ماله. وهو أول من فعل ذلك في الإسلام.
ومن جوده: أن معاوية أهدى إليه وهو عنده بالشام من هدايا النيروز حللا كثيرة ومسكا وآنية من ذهب وفضة ووجهها مع حاجبه فلما وضعها بين يديه نظر إلى الحاجب وهو ينظر إليها فقال: هل في نفسك منها شيء فقال: نعم والله إن في نفسي منها ما كان في نفس يعقوب من يوسف عليهما السلام فضحك عبيد الله وقال: فشأنك بها فهي لك. قال: جعلت فداك أخاف أن يبلغ ذلك معاوية فيجد علي. قال: فاختمها بخاتمك وارفعها إلى الخازن فإذا حان خروجنا حملها إليك ليلا.
فقال الحاجب: والله لهذه الحيلة في الكرم أكثر من الكرم ولوددت أني لا أموت حتى أراك مكانه يعني معاوية فظن عبيد الله أنها مكيدة منه. قال: دع عنك هذا الكلام فإنا قوم نفي بما وعدنا ولا ننقض ما أكدنا.
ومن جوده أيضا: أنه أتاه سائل وهو لا يعرفه فقال له: تصدق فإني نبئت أن عبيد الله بن العباس أعطى سائلا ألف درهم واعتذر إليه.
فقال له: وأين أنا من عبيد الله قال: أين أنت منه في الحسب أم كثرة المال قال: فيهما. قال: أما الحسب في الرجل فمروءته وفعله وإذا شئت فعلت وإذا فعلت كنت حسيبا.
فأعطاه ألفي درهم واعتذر إليه من ضيق الحال فقال له السائل: إن لم تكن عبيد الله بن عباس فأنت خير منه وإن كنته فأنت اليوم خير منك أمس فأعطاه ألفا أخرى فقال السائل: هذه هزة كريم حسيب والله لقد نقرت حبة قلبي فأفرغتها في