خزانة الأدب - البغدادي - ج ٨ - الصفحة ٢٨١
وكذلك قوله: وهو أهون عليه. يريد على ما جرت به عادتكم أن إعادة ما تقدم اختراعه أسهل من اختراعه ابتداء.
وقوله: هو أعلم بكم أي: منكم حيث تتوهمون أن لكم علما ولله تعالى علما أو على حد ما تقولون: هذا أعلم من هذا.
وهي طريقة العرب في كلامها وبها نزل القرآن. خوطبوا بمقتضى كلامهم وبما يعتادون فيما) بينهم.
وقد بين هذا سيبويه في كتابه حيث احتاج إليه.
ألا ترى أنه حين تكلم على لعل في قوله تعالى: لعله يتذكر أو يخشى صرف مقتضاها من الطمع إلى المخلوقين فقال: والعلم قد أتى من وراء ما يكون ولكن اذهبا على طمعكما ورجائكما ومبلغكا من العلم. قال: وليس لهما إلا ذاك ما لم يعلما.
وهذا من سيبويه غاية التحقيق. وكثيرا ما يذكر أمثال هذا في كتابه.
وأما بيت الفرزدق فغير خارج عن تقدير من فقد روي عن رؤبة بن العجاج أن رجلا قال له: يا أبا الجحاف أخبرني عن قول الفرزدق: أطول من كل شيء فقال له: رويدا إن العرب تجتزىء بهذا.
قال: وقال المؤذن: الله أكبر فقال رؤبة: أما تسمع إلى قوله: الله أكبر اجتزأ بها من أن يقول من كل شيء. هذا ما قال وهو ظاهر في صحة التقدير وأنه مراد العرب.
ثم إن الذي يدل على أن المراد معنى من أن أفعل في هذه المواضع ونحوها لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث وما ذاك إلا لمانع تقدير من كقوله تعالى: أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»