خزانة الأدب - البغدادي - ج ٨ - الصفحة ٢٨٠
مجردا من معنى من) قياسا أصلا خلافا للمبرد القائل بأنه جائز قياسا فيجوز عنده أن تقول: زيد أفضل غير مقصود به التفضيل على شيء بل بمعنى فاضل.
وزعم أن معنى قولهم في الأذان وغيره: الله أكبر: الله الكبير لأن المفاضلة تقتضي المشاركة في المعنى الواقع فيه التفضيل والمفاضلة في الكبرياء هنا تقتضي المشاركة إن قدر فيه من كل شيء.
ومشاركة المخلوق للخالق في ذلك أو في غيره من أوصاف الرب محال بل كل كبير بالإضافة إلى كبريائه لا نسبة له بل هو كلا شيء.
وكذلك قول في قوله: وهو أهون عليه تقديره معنى: وهو هين عليه لأن جميع المقدورات متساوية بالنسبة إلى قدرة الله فلا يصح في مقدور مفاضلة الهون فيه على مقدور آخر. ومنه قوله تعالى: هو أعلم بكم إذ لا مشاركة لأحد بين علمه وعلم الله تعالى.
* إن الذي سمك السماء بنى لنا * بيتا......... البيت * أي: عزيزة وطويلة. فهذه مواضع لا يصح فيها معنى المفاضلة فثبت أنها صفات مجردة عن ذلك مساوية لسائر الصفات. ومثل ذلك كثير.
فقاس المبرد على ذلك ما في معناه. فالناظم نكت عليه وارتضى مذهب سيبويه ومن وافقه وأن أفعل التفضيل لا يتجرد من معنى من إذا كان مجردا أصلا. وما جاء مما ظاهره خلاف ذلك فهو راجع إلى تقدير معنى من أو إلى باب آخر.
فأما المفاضلة فيما يرجع إلى الله تعالى فهي بالنسبة إلى عادة المخلوقين في التخاطب وعلى حسب توهمهم العادي.
فقوله: الله أكبر معنى ذلك أكبر من كل شيء يتوهم له كبر أو على حسب ما اعتادوه في المفاضلة بين المخلوقين وإن كان كبرياء الله تعالى لا نسبة لها إلى كبر المخلوق.
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»