خزانة الأدب - البغدادي - ج ٧ - الصفحة ٥٤٠
وقوله تعالى: أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ونحو هذا. ولم أجد الاثنين المظهرين يعنى بهما الجمع والكثرة مكثرة علامة الضمير. فإن كان كذلك جعلت هما مبتدأ وجعلت أخوان خبره وحملته على لفظ هما دون معناه.
ولو جعلت هما فصلا وكان الاسمان معرفتين وما قرب منهما وجعلت أخوان خبر كل لم يمتنع لأن الاثنين المظهرين قد عني بهما الكثرة أيضا.
ألا ترى أن في نفس هذا البيت: وكل رفيقي كل رحل وليس الرفيقان باثنين فقط وإنما يراد بهما الكثرة. فكذلك يراد بأخوان الكثرة.
إلا أن قوله: وكل رفيقي في الحمل على الجمع أحسن من حمل أخوان على الجمع لأن المعنى في قوله: وكل رفيقي كل رحل كل الرفقاء إذا كانوا رفيقين رفيقين فهما أخوان وإن تعاطى كل واحد مغالبة الآخر لاجتماعهما في السفرة والصحبة.
فالقول الأول في هذا هو الوجه ومثل هذا قولهم: هذان خير اثنين في الناس وهذان أفضل اثنين في العلماء.
فيدلك على أن الاثنين في قولنا: هذان خير اثنين في الناس والرفيقين في هذا البيت ما يذهب إليه سيبويه من أن المعنى: إذا كان الناس اثنين اثنين فهذا أفضلهم وإضافة رفيقين في هذا البيت إلى كل رحل لو كان المراد بهما اثنين فقط لكانت هذه الإضافة مستحيلة لأن رفيقين اثنين لا يكونان لكل رحل. ففي هذا البيت دليل على أن رفيقين يراد بهما الكثرة. وفيه أنه حملهما على معنى كل وفيه الوجهان اللذان حملناهما في تعاطى.
فأما قوله: قوما فيحتمل ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون بدلا من القنا لأن قومهما من سببهما وما يتعلق بهما. ويحتمل أن يكون مفعولا له وكأنه قال: وإن هما تعاطيا القنا للمقاومة أي: لمقاومة كل واحد منهما صاحبه) ومغالبته. ويحتمل أن يكون مصدرا من باب صنع
(٥٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 ... » »»