قيل لها: لقد مدحت أخاك حتى هجوت أباك فقالت: الكامل * جارى أباه فأقبلا وهما * يتعاوران ملاءة الحضر * وهذه أبرع عبارة وأنصع استعارة.
وتبعها عدي بن الرقاع في وصف حمار وأتانه: الكامل * يتعاوران من الغبار ملاءة * بيضاء محدثة هما نسجاها * * تطوى إذا وردا مكانا جاسيا * وإذا السنابك أسهلت نشراها * قال شارح ديوانه: قوله: يتعاوران إلخ أي: تصير الغبرة للعير مرة وللأتان مرة. ويقال من العارية: قد تعورنا العواري. والمكان الجاسي: الغليظ فإذا جريا فيه لم يكن لهما غبرة وإذا أسهلا أي: صارا إلى سهولة الأرض ثار لهما غبار.
فجعل إثارة الغبار بمنزلة ملاءة تنشر عليهما وزوال الغبار بمنزلة طي الملاءة. وهذا أحسن ما قيل في وصف الغبار والعجاج.
وإلى هذا المعنى أشار أبو تمام الطائي في وصف كثرة ظعنه وقصده الملوك: الوافر) * يثير عجاجة في كل يوم * يهيم بها عدي بن الرقاع * وقد سلك البحتري طريقة الخنساء وأحسن فيه إذ يقول في يوسف بن أبي سعيد: الكامل * جد كجد أبي سعيد إنه * ترك السماك كأنه لم يشرف *