خزانة الأدب - البغدادي - ج ٧ - الصفحة ٢٤١
قال له الرجل: والله لو لم يكن لإسماعيل ولد غيرك لكان فيه ما كفاه فكيف وقد ولد سيد الأولين والآخرين محمدا صلى الله عليه وسلم ثم شفع بك وبأبيك ومن جوده أيضا: أن معاوية حبس عن الحسين بن علي عليهما السلام صلاته حتى ضاقت عليه حاله فقيل: لو وجهت إلى ابن عمك عبيد الله فإنه قدم بنحو من ألف ألف درهم.) فقال الحسين: وأين تقع ألف ألف من عبيد الله فوالله لهو أجود من الريح إذا عصفت وأسخى من البحر إذا زخر ثم وجه إليه مع رسوله بكتاب ذكر فيه حبس معاوية عنه صلاته وضيق حاله وأنه يحتاج إلى مائة ألف درهم فلما قرأ عبيد الله كتابه وكان من أرق الناس قلبا وألينهم عطفا انهملت عيناه ثم قال: ويلك يا معاوية مما اجترحت يداك من الإثم حين أصبحت لين المهاد رفيع العماد والحسين يشكو ضيق الحال وكثرة العيال: ثم قال لقهرمانه: احمل إلى الحسين نصف ما أملكه من فضة وذهب وثوب ودابة وأخبره أني شاطرته مالي فإن أقنعه ذلك وإلا فارجع واحمل إليه الشطر الآخر.
قال له القيم: فهذه المؤن التي عليك من أين تقوم بها قال: إذا بلغنا ذلك دللتك على أمر تقيم به حالك. فلما أتى الرسول برسالته إلى الحسين قال: إنا لله حملت والله على ابن عمي وما فأخذ الشطر من ماله. وهو أول من فعل ذلك في الإسلام.
ومن جوده: أن معاوية أهدى إليه وهو عنده بالشام من هدايا النيروز حللا كثيرة ومسكا وآنية من ذهب وفضة ووجهها مع حاجبه فلما وضعها بين يديه نظر إلى الحاجب وهو ينظر إليها فقال: هل في نفسك منها شيء فقال: نعم والله إن في نفسي منها ما كان في نفس يعقوب من يوسف عليهما السلام فضحك عبيد الله وقال: فشأنك بها فهي لك.
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»