خزانة الأدب - البغدادي - ج ٧ - الصفحة ٢٤٢
قال: جعلتك فداك أخاف أن يبلغ ذلك معاوية فيجد علي. قال: فاختمها بخاتمك وادفعها إلى الخازن فإذا حان خروجنا حملها إليك ليلا. فقال الحاجب: والله لهذه الحيلة في الكرم أكثر من الكرم ولوددت أني لا أموت حتى أراك مكانه يعني معاوية.
فظن عبيد الله أنها مكيدة منه قال: دع عنك هذا الكلام فإنا قوم نفي بما وعدنا ولا ننقض ما أكدنا.
ومن جوده أيضا: أنه أتاه سائل وهو لا يعرفه فقال له: تصدق فإني نبئت أن عبيد الله بن عباس أعطى سائلا ألف درهم واعتذر إليه. فقال له: وأين أنا من عبيد الله قال: أين أنت منه في الحسب أم كثرة المال قال: فيهما.
قال: أما الحسب في الرجل فمروءته وفعله وإذا شئت فعلت وإذا فعلت كنت حسيبا.
فأعطاه ألفي درهم واعتذر إليه من ضيق الحال فقال له السائل: إن لم تكن عبيد الله بن) عباس فأنت خير منه وإن كنت هو فأنت اليوم خير منك أمس. فأعطاه ألفا أخرى فقال السائل: هذه هزة كريم حسيب والله لقد نقرت حبة قلبي فأفرغتها في قلبك فما أخطأت إلا باعتراض الشك من جوانحي.
ومن جوده أيضا: أنه جاءه رجل من الأنصار فقال: يا ابن عم رسول الله إنه ولد لي في هذه الليلة مولود وإني سميته باسمك تبركا مني به وإن أمه ماتت.
فقال عبيد الله: بارك الله لك في الهبة وأجزل لك الأجر على المصيبة. ثم دعا بوكيله وقال: انطلق الساعة فاشتر للمولود جارية تحضنه وادفع إليه مائتي دينار للنفقة على تربيته.
ثم قال للأنصاري: عد إلينا بعد أيام فإنك جئتنا وفي العيش يبس وفي المال قلة.
قال الأنصاري: لو سبقت حاتما بيوم واحد ما ذكرته العرب أبدا ولكنه سبقك فصرت له تاليا وأنا أشهد أن عفوك أكثر من مجهوده وطل كرمك أكثر من وابله.
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»