ذكرنا قال: لك أن تجعل الرضيع بمعنى الراضع كقولهم: قدير بمعنى قادر فيكون متعديا إلى مفعول واحد.
وإن شئت جعلته بمعنى مرضع كقولهم: رب عقيد بمعنى معقد فيتعدى إلى مفعولين. ومن خفض ثدي أم جعله بدلا من لبان ومن نصبه أبدله من موضعه لأنه في موضع نصب. ولا بد من تقدير مضاف في كلا الوجهين كأنه قال: لبان ثدي أم. وإنما لزم تقدير مضاف لأنه لا يخلو من أن يكون بدل كل أو بدل بعض أو بدل اشتمال فلا يجوز الثاني لأن الثدي ليس بعض اللبان ولا الثالث لأن الأول يشتمل على الثاني وذلك لا يصح ها هنا.
وقد ذهب قوم إلى أن الثاني هو المشتمل على الأول وذلك غلط فلم يبق إلا أن يكون بدل كل. والثدي ليس اللبان فوجب أن يقدر لبان ثدي. ويجوز أن يكون ثدي أم مفعولا سقط منه حرف الجر كقولك: اخترت زيدا الرجال. انتهى.
وتعقبه اللخمي بأنه قيل: إن اسم الفاعل هنا بمعنى المضي فلا يعمل عند البصريين وإن انتصاب ثدي إنما هو على التمييز لأنه يحسن فيه إدخال من المقدرة في التمييز.
ويحتمل أن يكون منصوبا بإضمار فعل دل عليه رضيع والتقدير: رضعا ثدي أم كقوله تعالى: وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا. وهذا إنما يكون على أن تجعل رضيعي خبرا وقال بعض فضلاء العجم في أبيات المفصل: ثدي بدل من محل لبان في تقدير: رضيعين لبانا ثدي أم وهو بدل اشتمال.