خزانة الأدب - البغدادي - ج ٥ - الصفحة ٤٧٣
وقال أبو نصر: أراد بالمفاصل مفاصل الجبل حيث يقطر الوشل وذلك أصفى من مياه المناقع والعيون.
وقيل: أراد يشاب بماء كالدمع صفاء فالمفاصل شؤون الرأس وهي تسمى مفاصل ومواصل والدمع منها يخرج. وهذا كما يقال: جئتك بخمرة كماء العين وأصفى من الدمع فالتشبيه حاصل في هذا الوجه وهو عندي حسن والمراد بماء العين الدمع لا غير.
وقال أبو سعيد: ماء المفاصل الدم وأراد بالماء الخمر وشبهها به. وقال ابن الأعرابي: ماء المفاصل ماء اللحم التي شبه حمرته بحمرته. وعهدة هذين القولين عليهما.
وقوله: رآها الفؤاد الخ أضاف الرؤية إلى الفؤاد تحقيقا للأمر لأن العين رائد القلب فكأنها أدركت بالعين أولا ثم تؤولت بالفكر في محاسنها ثانيا فتمكن الحب بإعادة النظر وبسط الفكر.
وقوله: فاستضل ضلاله قال الأصمعي: هو كما يقال: جن جنونه. وكشف هذا أن للنفس شهوة في المستحسنات قد تضل بها عندها فتسمى تلك الشهوة ضلالا لكونها سببا فيه ثم إذا غلب عليها شيء يستتبع تلك الشهوة قيل استضل ضلال فلان أي: طلب منه أن يضل فضل.
وقال بعضهم: أراد استزيد ضلاله أي: زيد ضلاله ضلالا كأنه لما تفكر في محاسنها وقال الأخفش: هذا كما يقال: خرجت خوارجه والمعنى دواخله فسماها بما آلت به فكذلك أراد استضل رشاده فقال: ضلاله لرجوعه إليه. ومثله: البسيط يدعون حمسا ولم يرتع لهم فزع أي: لم يرتع أمنهم. وهذا كثير.
وقوله: نيافا نصب على الحال. والنياف: الطويلة المشرفة ومنه أناف
(٤٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 468 469 470 471 472 473 474 475 476 477 478 ... » »»