خزانة الأدب - البغدادي - ج ٥ - الصفحة ١٠٦
ويقبح أن تدخل الفاء إذا كانت الصفات مجتمعة في الموصوف فلا يحسن أن يقال عجبت من فلان الأزرق العين فالأشم الأنف فالشديد الساعد إلا على وجه يبعد لأن زرقة العين وشمم الأنف وشدة الساعد قد اجتمعن في الموصوف. انتهى.
والصواب أن يقال متعاقبة بدل متراخية فإن التعاقب هنا كالتعاقب في قولك: تزوج زيد فولد له وكذلك كل شيء بحسب حصوله وإن كان فيه تراخ.
وقال ابن جني في إعراب الحماسة: أراد: الذي يصبح العدو بالغارة فيغنم فيؤوب سالما فعطف الموصول على الموصول وهما جميعا لموصوف واحد. والشيء لا يعطف على نفسه من حيث كان العطف نظير التثنية في المعنى فكما لا يكون الواحد اثنين وليجوزن أن يكون ما فوق ذلك إلى ما لا غاية له كثرة.
وعلة جواز ذلك قوة اتصال الموصول بصلته حتى إنه إذا أريد عطف بعض صلته على بعض جيء به هو معطوف في اللفظ على نفسه. ومثله قول الله تبارك وتعالى: الذي هو يطعمني ويسقين. وإذا مرضت فهو يشفين إلى آخر الآية. وهذا كله صفة موصوف واحد وهو القديم) عز اسمه.
وقد تقصيت هذا في كتاب المعرب وهو تفسير قوافي أبي الحسن. فأما قول الله تعالى: والعاديات ضبحا. فالموريات قدحا. فالمغيرات صبحا فقد يمكن أن يكون مما نحن فيه وقد يمكن أن تكون العاديات غير الموريات والمغيرات غيرهما فيكون عطف موصوف على موصوف آخر حقيقة لا مجازا كقولك:
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»