وأنشد بعده وهو 3 (الشاهد الخامس والعشرون بعد الثلاثمائة)) الراجز * كالحوت لا يرويه شيء يلقمه * يصبح ظمآن وفي البحر فمه * على أنه قد يقال في غير الأفصح فمي وفم زيد في جميع حالات الإضافة. وهذا ظاهر فإثبات الميم عند الإضافة فصيح ويدل له الحديث: لخلوف فم الصائم.
ولا التفات إلى قول أبي علي في البغداديات: قد اضطر الشاعر فأبدل من العين الميم في الإضافة كما أبدلها منها في الإفراد فقال: وفي البحر فمه. وهذا الإبدال في الكلام إنما هو في الإفراد دون الإضافة فأجرى الإضافة مجرى المفرد في الشعر للضرورة. هذا كلامه. و يلقمه: مضارع لقمت اللقمة لقما من باب طرب: إذا بلغتها وكذلك التقمتها وتلقمتها: إذا ابتلعتها. وروي بدله: يلهمه وهو بمعناه يقال: لهمه لهما من باب طرب أيضا. إذا ابتلعته. و ظمآن بالنصب خبر يصبح. وجملة: وفي البحر فمه حال من الضمير المستتر يف ظمآن.
قال حمزة الأصبهاني في الدرة الفاخرة: أظمأ من حوت مثل يزعمون دعوى بلا بينة أنه يعطش وفي البحر فمه واحتجوا بقول الشاعر: كالحوت لا يرويه شيء الخ. وينقضون هذا بقولهم: أروى من حوت فإذا سئلوا عن علة قولهم قالوا: لأنه لا يفارق الماء. انتهى.
ولم يزد الزمخشري في المستقصى في شرح هذا المثل على قوله: يزعمون أنه يعطش في البحر قال: كالحوت لا يرويه شيء الخ.