خزانة الأدب - البغدادي - ج ٢ - الصفحة ١٤٢
وقال له: سر فإني أقطع البعوث وأمدك بمائة ألف. فسار ابن الحر حتى نزل بجانب الأنبار واستأذنه أصحابه في دخول الكوفة. وبلغ ذلك عبيد الله بن العباس السلمي فاغتنم الفرصة فسأل الحارث بن عبد الله. وكان خليفة مصعب على الكوفة وأخبره بتفرق أصحابه عنه.
فبعثه في مائة فارس من قيس واستمد خمسمائة فارس منهم أيضا وسار حتى لقوه وهو في عشرة من أصحابه. فأشاروا عليه بالذهاب فأبى وقاتلهم حتى فشت في أصحابه الجراحات فأذن لهم في الذهاب وقاتلهم على الجسر فقتل منهم رجالا كثيرة حتى انتهى إلى المعبر فدخله. فقالوا: لنبطي: هذا الرجل بغية أمير المؤمنين فإن فاتكم قتلناكم. فوثب إليه نبطي قوي فقبض على عضدي ابن الحر وجراحاته تشخب وضربه الآخرون بالمجاذيف. فلما رأى ابن الحر أن المعبر قد قرب إلى القيسية قبض على الذي قبض عليه فعالجه حتى سقطا في الماء لا يفارقه حتى غرقا جميعا وسمع شيخ ينادي وينتف لحيته ويقول: يا بختيار يا بختيار فقيل له: مالك يا شيخ قال: كان ابني بختيار يقتل الأسد وكان يخرج هذا المعبر من الماء فيقره ثم يعيده وحده حتى ابتلي بهذا الشيطان الذي دخل السفينة فلم يملكه من أمره شيئا حتى قذف به في الماء فغرقا جميعا فجعلوا يسكنونه وهو يقول: ما كان ليغرق ابني إلا شيطان فلما انتهى الخبر إلى عبد الملك جزع عليه جزعا شديدا وندم على بعثه إياه. وتمنى أن يكون بعث معه الجيوش.
وقد فصل السكري وقائعه وحروبه وجمع أشعاره في كتاب اللصوص بما لا مزيد عليه.
وأنشد بعده وهو الشاهد العاشر بعد المائة وهو من شواهد س:
* يا لبكر أنشروا لي كليبا * يا لبكر أين أين الفرار *
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»