والتمدح كقوله * (أنا جذيلها المحكك) * فإنه يتناول الاسم لفظا ومعنى والتصغير اللاحق فعل التعجب إنما يتناوله لفظا لا معنى من حيث كان متوجها إلى المصدر وإنما رفضوا ذكر المصدر هاهنا لأن الفعل إذا أزيل عن التصرف لا يؤكد بذكر المصدر لأنه خرج عن مذهب الأفعال فلما رفضوا المصدر وأثروا تصغيره صغروا الفعل لفظا ووجهوا التصغير إلى المصدر وجاز تصغير المصدر بتصغير فعله لأن الفعل يقوم في الذكر مقام مصدره لأنه يدل عليه بلفظه ولهذا يعود الضمير إلى المصدر بذكر فعله وإن لم يجر له ذكر فكما يجوز عود الضمير إلى المصدر وإن لم يجر له ذكر استغناء بذكر فعله فكذلك يجوز أن يتوجه التصغير اللاحق لفظ الفعل إلى مصدره وإن لم يجر له ذكر ونظيره إضافة أسماء الزمان إلى الفعل نحو هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم وإنما جاز لأن المقصود بالإضافة إلى الفعل مصدره من حيث كان ذكر الفعل يقوم مقام ذكر مصدره فكما أن هذه الإضافة لفظية لا اعتداد بها فكذلك التصغير لفظي لا اعتداد به الوجه الثاني إنما دخله التصغير حملا على باب أفعل التفضيل لاشتراك اللفظين في التفضيل والمبالغة إلا ترى أنك تقول ما أحسن زيدا لمن بلغ الغاية في الحسن كما تقول زيد أحسن القوم فتجمع بينه وبينهم في أصل الحسن وتفضله عليهم والثالث إنما دخله التصغير لأنه ألزم طريقة واحدة فأشبه بذلك الأسماء فدخله بعض أحكامها وحمل الشيء على الشيء في بعض أحكامه لا يخرجه عن أصله ألا ترى أن اسم الفاعل محمول على الفعل في العمل ولم يخرج بذلك عن كونه اسما وكذلك المضارع محمول على الاسم في الإعراب ولم يخرج بذلك عن كونه فعلا 1 ه.
(١٠٨)