هذا الباب وإنما المطلوب غلبة الظن الذي هو مناط الأحكام الشرعية وكذا ما يتوقف عليه من نقل مفردات الألفاظ وقوانين الإعراب فالظن في ذلك كله كاف ولا يخفى أنه يغلب على الظن أن ذلك المنقول المحتج به لم يبدل لأن الأصل عدم التبديل لا سيما والتشديد في الضبط والتحري في نقل الأحاديث شائع بين النقلة والمحدثين ومن يقول منهم بجواز النقل بالمعنى فإنما هو عنده بمعنى التجويز العقلي الذي لا ينافي وقوع نقيضه فلذلك تراهم يتحرون في الضبط ويتشددون مع قولهم بجواز النقل بالمعنى فيغلب على الظن من هذا كله أنها لم تبدل ويكون احتمال التبديل فيها مرجوحا فيلغى ولا يقدح في صحة الاستدلال بها ثم إن الخلاف في جواز النقل بالمعنى إنما هو فيما لم يدون ولا كتب وأما ما دون وحصل في بطون الكتب فلا يجوز تبديل ألفاظه من غير خلاف بينهم قال ابن الصلاح بعد أن ذكر اختلافهم في نقل الحديث بالمعنى إن هذا الخلاف لا نراه جاريا ولا أجراه الناس فيما نعلم فيما تضمنته بطون الكتب فليس لأحد أن يغير لفظ شيء من كتاب مصنف ويثبت فيه لفظا آخر 1. ه وتدوين الأحاديث والأخبار بل وكثير من المرويات وقع في الصدر الأول قبل فساد اللغة العربية حين كان كلام أولئك المبدلين على تقدير تبديلهم يسوغ الاحتجاج به وغايته يومئذ تبديل لفظ بلفظ يصح الاحتجاج به فلا فرق بين الجميع في صحة الاستدلال ثم دون ذلك المبدل على تقدير التبديل ومنع من تغييره ونقله بالمعنى كما قال ابن الصلاح فبقي حجة في بابه ولا يضر توهم ذلك السابق في شيء من استدلالهم المتأخر والله أعلم بالصواب 1. كلام الدماميني وعلم مما ذكرنا من تبيين الطبقات التي يصح الاحتجاج بكلامها أنه لا يجوز الاحتجاج بشعر أو نثر لا يعرف قائله صرح بذلك ابن الأنباري في كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف وعلة ذلك مخافة أن يكون ذلك الكلام مصنوعا أو لمولد أو لمن لا يوثق بكلامه ولهذا اجتهدنا في تخريج أبيات الشرح وفحصنا عن قائليها حتى عزونا كل بيت إلى قائلة إن أمكننا ذلك ونسبناه إلى قبيلته أو فصيلته وميزنا الإسلامي عن الجاهلي والصحابي عن التابعي وهلم جرا وضممنا إلى البيت ما يتوقف عليه
(٣٧)