أصبح صبرا على (التنصل) عن الالتزامات المبدئية في هذا الدين، وعلى مواجهة الضمير الديني الحي الذي ينبض بشئ من الحياة..
وليس التوكل.. بعيدا عنا.. التوكل الذي كان عونا للمقاتل في الساحة، وللمجاهد في مراحل الصراع، وأداة للاستهانة بقدرات العدو الكافر، والثقة بالنفس.. أصبح هذا المفهوم الرائد.. والبعد الأصيل في شخصية المسلم.. اتكالا مريضا، وتفويضا، وتكاسلا من تحمل أعباء المسيرة. والزهد الذي يمثل قمة التحرر، والانعتاق، وتجاوز الأهواء والشهوات والتحرر الداخلي الحقيقي للانسان، أصبح كلمة ذليلة حتى في اسماع بعض المسلمين المؤمنين نتيجة لما قرنت به من الممارسات الشاذة، وألوان القطيعة الاجتماعية، والهروب عن الحياة.
وهكذا دائما يغير الانسان المفاهيم التي جاءت لتغييره وينزل بها إلى الحضيض بدلا من أن يرقى معها إلى الكمال.. فليس من الهين، والسهل ان يرقى الانسان، وانما التصاعد معاناة، وزهد، ومرارة.. ومن اجل ان يبقى في حالته المريحة هذه فعليه - حتى يريح ذاته من الشعور بالانفصام بين الفكر، والسلوك - أن يحرف مفاهيمه الثورية وان يسحبها إلى وراء، بدلا من أن يتقدم معها إلى امام.. هذه هي خلاصة التحريف الاجتماعي للمفاهيم، والرسالات، وعلينا باستمرار ان نرجع إلى النبع الأصيل لتوضيح مفاهيمنا لا إلى عقلية الانحراف والتخلف والتحلل.
والصبر في مفهومه الاسلامي الأصيل تمرد الإرادة المسلمة على أهواء النفس، وشهواتها.. التي تهدف إلى اخلاد الانسان إلى الأرض.. وهو