وقد وكلت به رجلين شر من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة، والصلاة والصيام إلى أمر عظيم ثم امر باحضار الموكلين به. فقال لهما: ويحكما ما شأنكما في امر هذا الرجل فقالا: ما نقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كله لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة فإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملك من أنفسنا) (7).
وهذا علي بن الحسين (ع) الذي كانت ظروفه لا تسمح له بالعمل الاجتماعي المكشوف بحال من الأحوال، فأتاحت له شيئا من الوحدة والتفرغ، سجل لنا تاريخه أروع درجات الانس، والتوجه، والشوق إلى الله تعالى.. فكان من ادعيته ما تقرأه في الصحيفة قطعا من قلبه الخاشع، وروحه المتحفزة وانسه بالله تعالى العلي العظيم.. وكان من عبادته ما حكاه أبو عبد الله (عليه السلام) من دخول الباقر (ع) (فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، فرآه قد اصفر لونه من السهر، ورمضت عيناه من البكاء، ودبرت جبهته وانحرف أنفه من السجود، وورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة. وقال أبو جعفر (ع) فلم أملك - حين رأيته بتلك الحال - البكاء - فبكيت رحمة له) هكذا روي عن أبي عبد الله (ع) في الوسائل - أبواب مقدمات العبادات ب 20 -).
3 - حب الرسالة والعمل من اجلها، فمن شؤون حب الله تعالى حب دينه الذي شرعه للناس لينهجوه في هذه الحياة، وحب تقدم الناس نحو هذه الرسالة، وتطبيقهم لها وحب الاسلام والرسالة الاسلامية يكون على نحوين: