ونحن هنا لا نريد ان ندرس الاتجاهات التربوية المعاصرة، بل ولا حتى الاتجاه التربوي الاسلامي من الزاوية العلمية.. لان أسلوب هذا البحث وهدفه ينحصران داخل الإطار العملي ولا يتصلان بحال بالأبحاث العلمية والجوانب النظرية.. وانما يهم هنا ان نشير إلى طابع (التجاوز) تجاوز الأطر الحسية، والجزئية، الذي يتمثل بالتوعية الاسلامية الوجودية حيث يستعلي الانسان المسلم على هذه الأطر، ويتعامل مع الكائن الوجودي المحض الذي يميزه عن عرض المادة، وهيمنة الحس البشري. وهو يحقق بذلك مرحلة جديدة للانسان تترك وراءه كل المراحل ضيقة الأفق، محدودة الشعور.. وفي طابع (التجاوز) على الأطر الحسية، و (الشمول)، وادراك الأشياء في سياق كلي، ونظرة شاملة و (المعنى) الذي يضيفه الاسلام على الحياة، والترابطات التي تحكم الاحياء، والأشياء، تلخص سمات الوعي الاسلامي للكون والحياة، وهي سمات ذات اثر خطير على الحياة النفسية للانسان المسلم. وقد يمكن تلخيصه في الانفتاح على الحياة، وفي عدم تصنيمها وعبادة ما فيها من أشياء، وفي الاستقرار النفسي، وروح الالتزام الأخلاقي التي يبعثها التعامل الشعوري مع الله ذي الأسماء الحسنى وكل سمات الخير، والجمال.
الوعي التاريخي والى جانب التحسيس الوجودي، والتوعية الكونية، يقوم القرآن الكريم، والسنة المطهرة بعملية توعية تاريخية تحسس الانسان المسلم بمجموعة من القضايا التاريخية التي تتصل بالنشاط الانساني التاريخي، والصراع بين الحق والباطل، والهدى والضلال في التاريخ البشري.